اشتدت قريش بالأذى على النبي ﷺ بعد وفاة أبي طالب، فتجرأ عليه السفهاء، وما كان في حياة أبي طالب يتجرأ عليه أحد.
وقال رسول ﷺ :” ما نالت مني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب “، رواه البيهقي في دلائل النبوة بإسناد صحيح.
أُلقي على رسول الله ﷺ سلا الجزور – وهي المشيمة – ووطئ عقبة بن أبي معيط قبَّحه الله على عنق النبي ﷺ وهو ساجد.
و حاول أبوجهل لعنه الله بزعمه أن يطأ عُنُق النبي ﷺ إذا سجد، فحمى الله نبيِّه ﷺ.
فقال رسول الله ﷺ :” لقد أُوذيت في الله ، وما يُؤذى أحد ، وأُخفتُ في الله ، وما يُخاف أحد “، رواه ابن ماجه.
واستأذن أبو بكر الصديق رسول الله بالهجرة إلى الحبشة بسبب شدة البلاء في مكة، فأذن له النبي ﷺ .
خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه متوجهاً للحبشة، فلما وصل إلى منطقة بِرك الغِماد لقية رجل يُقال له : ابن الدُّغُنَّة سيد قبيلة القارة ، فأجار أبا بكر الصديق ، وقال له : ارجع فاعبد ربك في مكة، فلم تُنكر قريش .
وضاقت قريش ذرعاً بجوار ابن الدُّغُنَّة لأبي بكر الصديق ، لأن أبا بكر الصديق أخذ يجهر بالقرآن. فطلب منه ابن الدُّغُنَّة أن لا يجهر بالقرآن، فرفض أبو بكر، ورد جوار ابن الدُّغُنَّة، وبقي أبو بكر بمكة.
واشتد الأمر على النبي ﷺ بمكة ، فخرج إلى الطائف ماشياً على قدميه ، يدعوهم إلى الإسلام .
وكان استقبال أهل الطائف للنبي ﷺ الضرب بالحجارة ، خاصة على أقدامه الشريفتين حتى نزل الدم منهما .
وخرج رسول الله ﷺ من الطائف مهموماً على وجهه ، فلم يستفق إلا وهو في قرن المنازل .
فنزل جبريل عليه السلام ومعه مَلَك الجبال على رسول الله ﷺ يُخيره بين إهلاك أهل مكة ، أو يصبر ، فاختار الصبر .
ورجع رسول الله ﷺ إلى مكة، ودخلها بجوار المطعم بن عَدِي .
وجاءت حادثة الإسراء والمعراج تثبيتاً وتكريماً لرسول الله ﷺ في أعقاب سنين طويلة من الدعوة .
ذكر الله تعالى قصة الإسراء في سورة الإسراء ، وذكر سبحانه قصة المعراج في سورة النجم .و تعتبر رحلة الإسراء والمعراج من أعظم المعجزات، التي أكرم الله بها نبيَّه ﷺ .
فقِصّتها تمَّت في أقل مِن ليلة، خرج رسول الله بعد صلاة العشاء ورجع قبل الفجر .فعلاً معجزة لا يستطيع أحد أن يتخيَّلها .
اقرأ أيضا :السيرة النبوية الشريفة : سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (الحلقة السادسة )
بدأت هذه الرحلة عندما جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله ليخرج به من بيته في مكة إلى الكعبة .
وعند الكعبة شق جبريل عليه السلام صدر رسول الله وأخرج قلبه وغسله بماء زمزم وملأه إيماناً وحكمة ثم رده وخاط صدره الشريف .
ثم ركب رسول الله البُراق – وهي دابة – معه جبريل عليه السلام وما هي إلا لحظات حتى وصل رسول الله مع جبريل إلى المسجد الأقصى.
فلما دخل رسول الله المسجد الأقصى مع جبريل عليه السلام وجد أمراً عظيماً، حيث أحيا الله له جميع الأنبياء والمرسلين .
عدد الأنبياء ١٢٤ ألف نبي، أما عدد الرسل فهو ٣١٥ رسولاً، جاء ذلك في حديث أبي ذر رضي الله عنه الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه .
فلما دخل رسول الله ﷺ مع جبريل المسجد الأقصى أُقيمت الصلاة ، فقدَّم جبريلُ رسولَ الله ليكون إماماً في الصلاة بأئمة الخلق .
أي مكانة ومنزلة لرسول الله أن يكون إماماً بأئمة الخلق عليهم الصلاة والسلام .
فلما فرغ رسول الله ﷺ من صلاته بالأنبياء والمرسلين جيئ بالمعراج – وهو سُلَّم – لكن لا يعلم شكله وقدره إلا الله سبحانه .
ركب رسول الله مع جبريل المعراج فإذا هي لحظات فوصل إلى السماء الدنيا، ففُتح لهما ورأى رسول الله ﷺ من أحوالها الشئ العجيب.
ورأى رسول الله في السماء الدنيا أبو البشر آدم عليه السلام، ورأى حال أكلة أموال اليتامى ظلماً والعياذ بالله .
ورأى رسول الله ﷺ في السماء الدنيا :حال المغتابين، وحال الزُناة وحال أكلة الربا نعوذ بالله من هذه الأعمال.

