أمهات المؤمنين ...السيدة حفصة رضي الله عنها (الجزء الثانى )

أمهات المؤمنين ...السيدة حفصة رضي الله عنها   (الجزء الثانى )


عاشت السبدة حفصة رضي الله عنها في بيت النبوة حياة سعيدة تقتبس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وتتعلم منه ويغمرها بحنانه صلى الله عليه وسلم ، وكانت تربطها بالسيدة عائشة رضي الله عنها علاقة وثيقة ، وهما اللتان قال الله فيهما (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } فقد كانتا سببًا لتحريم النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه ما يحبه، فعرض الله عليهما التوبة، وعاتبهما على ذلك، وأخبرهما أن قلوبهما قد صغت أي: مالت وانحرفت عما ينبغي لهن، من الورع والأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم، واحترامه

و قد روي أن سبب نزول هذه الآيات أن السيدة حفصة رضي الله عنها أفشت سرا أسره إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم و تعددت الروايات عن هذا السر الذي نبأت به السيدة حفصة رضي الله عنها و في اسباب نزول ايات التحريم ؛؛ و منها ان السيدة حفصة رضي الله عنها علمت ان النبي صلى الله عليه و سلم قد خلا بالسيدة مارية رضي الله عنها في بيت السيدة حفصة رضي الله عنها فبكت السيدة حفصة رضي الله عنها فاسترضاها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فحرم السيدة مارية رضي الله عنها على نفسه موصيا السيدة حفصة رضي الله عنها بالكتمان و لكن السيدة حفصة لم تستطع ان تكتم السر عن السيدة عائشة رضي الله عنهما

وقيل أن السبب أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ السيدة زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلاً. فَتَوَاصَت السيدة عائشةو َالسيدةحَفْصَةُ رضي الله عنهما أَنَّ أَيَّتَهما دَخَلَ عَلَيْهَا، فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيْحَ مَغَافِيْرَ! أَكَلْتَ مَغَافِيْرَ! فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ: (بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ، وَلَنْ أَعُوْدَ لَهُ). فَنَزَل قوله تعالىَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ...} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنْ تَتُوْبَا} -يَعْنِي: حَفْصَةَ وَعَائِشَة رضي الله عنهما َ-. {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ} قَوْلَهَ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً.

و لما أعتزل الرسول صلى الله عليه وسلم نسائه دخل عمر رضي الله عنه على السيدة حفصة رضي الله عنها وهي تبكي فقال : لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد طلقك إنه كان قد طلقك مرة ثم راجعك من أجلى فإن كان طلقك مرة أخرى لا أكلمك أبدا .

وعت أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها الدرس جيدًا كما وعته بقية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، ورجعت إليها طمأنينتها بعد أن كادت تهلك من الحزن و الندم ، ولم تفعل بعد ذلك شيئًا يكرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم طيلة حياته وظلت مثالًا للزوجة الوفية الصادقة التي لا تدخر جهدًا في سبيل إسعاد زوجها صلى الله عليه وسلم

وما زالت السعادة تخيم على هذا البيت النبوي المبارك إلى أن جاء اليوم الذي أظلم فيه الكون كله بوفاة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فاعتصر قلب أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها من الحزن على وفاة زوجها وحبيبها ونبيها صلى الله عليه وسلم

وظلت أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهدها عابدة لله عز وجل صائمة قائمة وعرفت بالعلم والفقه والتقوى ، وكثيرًا ما كان يرجع أبوها الفاروق رضي الله عنه إلى آرائها وأحكامها الفقهية وكانت لها مكانة عظيمة عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم


عرفت السيدة حفصة رضي الله عنها بالعلم والفقه والتقوى، وعاشت رضي الله عنها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حياتها عابدة تحيي ليلها بالعبادة وتلاوة القرآن والذكر

ومن أعظم مناقبها رضي الله عنها ، اختيارها لتحفظ نسخة المصحف الأولى ، والتي جمعها أبوبكر رضي الله عنه من أيدي الناس بعد أن مات أكثر القرّاء ، وظلت معها حتى خلافة عثمان رضي الله عنه ،فهي حارسة القرآن الكريم

فبعد ان توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان ما كان من حروب الردة و استشهاد الكثير من الصحابة من حملة القران ، استقر رأي المسلمين على جمع القران و تدوين المصحف و كلف الصديق رضي الله عنه زيد بن ثابت رضي الله عنه بجمعه و كتب في صحيفة ،ولما توفى الصديق رضي الله عنه كانت الصحيفة عند أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه الذي أوصى بها إلى ابنته ام المؤمنين حفصة رضي الله عنها واستأمنها عليها ، فصارت حارسة القران الكريم
اقرأ أيضا :أمهات المؤمنين ...السيدة حفصة رضي الله عنها (الجزء الأول )

وظلت الصحيفة عند أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها حتى كانت خلافة امير المؤمنين عثمان بن عفان  وحدث ما لم يكن في الحسبان !
فقد كان الصحابي الجليل حذيفة بن اليمانرضي الله عنه يغزو ويجاهد مع أهل العراق وقد اجتمع في ذلك الغزو اهل الشام واهل العراق فتنازعوا في القرآن الكريم حتى سمع حذيفة رضي الله عنه من أختلافهم ما يكره
فانطلق حتى اتى خليفة المسلمين وقال له : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصارى في كتبهم !!

ففزع لذلك أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه فأرسل إلى أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنهما : أن أن أرسلي إلي بالصحيفة فأمر أمير المؤمنين عثمان بن عفان : زيد بن ثابت وسعد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام رضي الله عنهم جميعًا أن ينسخوها بالمصاحف ففعلوا حتى كتبت المصاحف ، ثم رد عثمان بن عفان رضي الله عنه الصحيفة إلى السيدة حفصة رضي الله عنها وظلت عندها إلى أن توفاها الله ،وأوصت بها إلى أخيها عبد الله رضي الله عنه

وأرسل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه إلى كل جند من أجناد المسلمين بمصحف وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف المصحف الذي أرسله إليهم وحفظ الله عز وجل كتابه الكريم من الإختلاف والتحريف

تلك هي الوديعة الغالية التي أودعها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عند ابنته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها فحفظتها بكل أمانة ورعتها بكل صون فحفظ لها الصحابة والتابعون وتابعوهم من المؤمنين إلى يومنا هذا وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ذلك الذكر الجميل الذي تذكر فيه كلما تذاكر المسلمون جمع المصحف الكريم

علمها و فقهها رضي الله عنها :

لقد عاشت رضي الله عنها في بيت النبوة و ذاقت من نبيل شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وكريم خصاله ، مما دفعها إلى نقل هذه الصورة الدقيقة من أخلاقه وآدابه ، سواءٌ ما تعلّق منها بهديه وسمته ، أو أحوال عبادته ، فقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم ستون حديثا

وكانت رضي الله عنها مرجعا لاكابر الصحابة الذين عرفوا لها علمها و فضلها حتى ان اباها عمر رضي الله عنه سألها عن اقصى مدة تحتمل فيها المرأة غياب زوجها عنها فاجابته رضي الله عنها بانها اربعة اشهر

ولقد قضت رضي الله عنها بقية عمرها عاكفة على العبادة صوامة قوامة تعلم الناس أمور دنيهم ودنياهم وتروي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى أن توفيت رضي الله عنها في أول عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سنة إحدى وأربعين بالمدينة عام الجماعة

انتقلت أم المؤمنين حفصة بنت عمر الخطاب رضي الله عنهما إلى جوار ربها لتلحق بزوجها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الفردوس الاعلى ولها من السن يومئذ قرابة الثلاثة والستين عامًا ، وقد صلى عليها أخوها عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وشيعتها المدينة ودُفنت رضى الله عنها بالبقيع مع أمهات المؤمنين رضي الله عنهن .

وكان مروان بن الحكم والي المدينة ممن حمل سريرها من عند دار آل حزم إلى دار المغيرة بن شعبة وحمله الصحابي الجليل أبو هريرة رضى الله عنه من دار المغيرة إلى قبرها ، ونزل في قبرها عبد الله وعاصم ابنا عمر وسالم وعبد الله وحمزة بنو عبد الله بن عمر رضي الله عنهم جميعًا .

وكانت أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها قد أوصت إلى أخيها عبد الله رضي الله عنه بما أوصى إليها أبوها وتصدقت بمال لها وقفته ،وورث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بيتها الذي عاشت فيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجًا وأمًا للمؤمنين وعندما أرادوا توسعة مسجد رسول الله  بضم بيوت نساء النبي صلى الله عليه وسلم إليه لم يرض عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن يأخذ فيه ثمنًا وجعله هبه وهدم بيت أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها وأدخل في المسجد .
رض الله عنها وعن أمهات المؤمنين جميعا

شارك برأيك

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

TvQuran
,