المسيحيون العرب... لماذا يُظلمون؟


علي الصراف
القول أن المسيحيين العرب " أقلية " ينطوي على خطأ من ثلاث نواح على الأقل، الأول، هو أنه يتجاهل
كونهم عرب، والعرب أغلبية في أوطانهم، و"أقلَنةالمسيحيين، إنما " تؤقلِنعروبتهم وتسعى إلى
تصغيرها )وهذه بالأحرى خطيئة، لا مجرد خطأ(، والثاني، هو أنه يضعهم على هامش التاريخ في المنطقة،
وهم الذين ظلوا في قلبه، ولعبوا دورا فكريا رياديا في صنع مشروعنا الحضاري الحديث فيه، والثالث، هو أنه
يعزلهم عن الدور السياسي الوطني الذي لعبوه في كل مشروع للتحرر والاستقلال والوحدة عرفته
المنطقة، وهم مسيحيون، ولكن هل غلبت "مسيحيتهمعلى عروبتهم ووطنيتهم في أي وقت من
الأوقات؟ لم يحصل هذا أبد...
اليوم يمكن أن تجد مسلمين يضعون طائفيتهم فوق وطنيتهم وقوميتهم، بل وفوق إسلامهم نفسه،
ليكتشفوا أنهم "شيعةأو "سنة"، ولكن لا يوجد نص ولا سلوك كنسي واحد يضع المسيحية على هذه
الأرض فوق وطنيتها وانتمائها القومي، بل أن ثقافة "العيش المشتركهي الفلسفة الجامعة لكل جَهد
مسيحي في العالم العربي...
كان يمكن للأمر أن يبلغ ببعض المسيحيين العرب، ومنهم البابا شنودة، إلى حد القول أنه لو "كان الإسلام
شرطا للعروبة لصرنا مسلمين"، وكان يمكن لشخصية وطنية كبرى في مصر مثل مكرم عبيد باشا أن
يقول عن نفسه "أنا مصري الجنسية، ومسلم الثقافة"، إلا أنه ما كان لأي مسيحي أن يضع ديانته
بالتعارض مع قوميته، ولا يوجد أي نص ولا تصريح ولا خطبة ولا موعظة تضع المسيحية خارج إطار الشراكة والتعايش والانتماء للوطنالواحد...
والوقت ما يزال مبكرا على ظهور رجل دين مسلم، يملك من الشجاعة والوطنية ما يكفي للقول: "نحن
وطنيون كإخوتنا المسيحيين، ولو كانت المسيحية شرطا للوطنية، لصرنا مسيحيين " ...
وباستثناء لبنان، وهو استثناء يستحق ما يستثنيه، لأسباب تتعلق بنشأته أصلا، فأن المسيحيين العرب
في كل مكان، بمن فيهم اللبنانيون، لم يكونوا في نظر أنفسهم، إلا جزءا من أوطانهم ومدافعين عن
قضاياها وحقوقها، أسرع من غيرهم، أحيانا، بيومين، وأكثر تقدما بفرسخين...
وسوى احترام الخصوصيات، والحريات الفردية، والمعاملة بالمثل كمواطنين متساوين، لم يطالب المسيحيون
العرب لا بكيان ولا بحقوق خاصة ولا بحصص ولا امتيازات، ولا سعوا إلى إقامة إمارة، ولا طالبوا بوزارة، لماذا؟

شارك برأيك

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

TvQuran
,