أمهات المؤمنين ...ثالثا السيدة عائشة رضى الله عنها (الجزء الاول )



أمهات المؤمنين ...ثالثا السيدة عائشة رضى الله عنها (الجزء الاول )



حديثنا اليوم عن ثالث زهرة في بيت النبوة ، عن أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن المبرأة من فوق سبع سموات الصديقة بنت الصديق السيدة عائشة رضي الله عنها
تنتمي السيدة عائشة رضي الله عنها إلى بني تيم وهم بطن من قريش، فهي عائشة بنت أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب، فيلتقي نسبها مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب. وأبوها هو أبو بكر الصديق خليفة النبي صلى الله عليه وسلم، وصاحبه في رحلة هجرته من مكة إلى يثرب، وأمها أم رومان بنت عامر من بني مالك بن كنانة أسلمت وهاجرت
ولعائشة رضي الله عنها من الإخوة عبد الرحمن وهو أخوها لأمها وأبيها، وعبد الله وأسماء وأمهما قتيلة بنت عبد العزى العامرية، ومحمد وأمه أسماء بنت عميس، وأم كلثوم وأمها حبيبة بنت خارجة.، وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تُكنّى بأم عبد الله بابن أختها عبد الله بن الزبير.
ولقد رأها الرسول صلى الله عليه وسلم في منامه قبل أن يتزوجها ، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" أُرِيتُكِ في المنامِ مَرَّتَيْنِ ، إذا رجلٌ يَحْمِلُكِ في سَرَقَةٍ من حريرٍ ، فيقولُ : هذه امرأتُكَ ، فأَكْشِفُها فإذا هي أنتِ ، فأقولُ : إن يَكُنْ هذا من عندِ اللهِ يُمْضِه" البخاري ومسلم
ولقد ذكرنا أن خولة بنت حكيم رضي الله عنها عرضت على الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها ،كلا من السيدة سودة والسيدة عائشة ليتزوجهما، ولقد وافق الرسول صلى الله عليه وسلم وأمرها أن تخطبهما له

فانطلقت من عنده فدخلت على السيدة سودة فاخبرتها وخطبتها للرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم خرجت من عندها فدخلت على أم رومان أم السيدة عائشة رضي الله عنها ، ولندع خولة تخبرنا بما جرى بينها وبين أم رومان رضي الله عنهما
قالت: "فأتيتُ أمَّ رومانَ فقلتُ: يا أمَّ رومانَ ماذا أدخلَ اللَّهُ عليْكم منَ الخيرِ والبرَكةِ

قالت: ماذا؟

قلت: رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وسلَّمَ يذكرُ عائشَةَ

قالتِ: انتظري فإنَّ أبا بَكرٍ آتٍ

فجاءَ أبو بكر فذكرت ذلك لهُ. فقال أوَ تصلُح لَهُ وَهيَ ابنةُ أخيهِ

فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ " أنا أخوهُ وَهوَ أخي وابنتُهُ تصلحُ لي"

قالت: وقامَ أبو بَكرٍ

فقالت لي أمُّ رومانَ : إنَّ المطعِمَ بنَ عديٍّ قد كانَ ذَكرَها على ابنِهِ ، واللَّهِ ما أَخلفَ وعدًا قطُّ تعني أبا بَكرٍ

قالت فأتى أبو بَكرٍ المطعمَ فقالَ : ما تقولُ في أمرِ هذِهِ الجاريةِ

قالَ فأقبلَ على امرأتِهِ فقالَ لَها: ما تقولينَ

فأقبلت على أبي بَكرٍ فقالت: لعلَّنا إن أنْكحنا هذا الفتى إليْكَ تُصبئْهُ وتدخلْهُ في دينِكَ

فأقبلَ عليْهِ أبو بَكرٍ فقالَ: ما تقولُ أنتَ؟ فقالَ: إنَّها لتقولُ ما تسمعُ

فقامَ أبو بَكرٍ وليسَ في نفسِهِ منَ الموعدِ شيءٌ ، فقالَ لَها: قولي لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فليأتِ

فجاءَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فملَكَها َ" الذهبي

وتزوج الرسول صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة وكان ذلك في شهر شوال سنة عشرة من من النبوة وقبل الهجرة بثلاث سنبن وهي يومئذ بين السادسة والسابعة من عمرها ، ثم دخل بها في المدينة بعد ذلك وهي بنت تسع سنبن ، في شوال من السنة الثانية للهجرة

فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت :" تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين ، فقدمنا المدينة فنزلنا في بنى الحارث بن الخزرج ، فوعكت فتمزق شعري ، فأتتنى أمي أم رومان ، وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لى ، فصرخت بي فأتيتها ما أدري ما تريد منى ؟ فأخذت بيدي حتى أوقفتنى على باب الدار ، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسى ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهى ورأسى ، ثم أدخلتنى الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت

فقلن : على الخير والبركة وعلى خير طائر ، فأسلمتنى إليهن فأصلحن من شأنى

فلم يرعنى إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى ، فأسلمننى إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين" رواه البخاري ومسلم
ولما أذن الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم بالهجرة ، هاجر هو وأبو بكر رضي الله عنه إلى المدينة ، وتركا خلفهما أهلهما فلما قدما المدينة واستقر بهما المقام ، أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وأبا رافع في صحبة عبد الله بن اريقط ليأتى ببناته أم كلثوم وفاطمة وزوجته سودة وأم أيمن وابنها أسامة بن زيد رضى الله عنهم جميعا ، وكتب أبو بكر رضي الله عنه إلى ابنه عبد الله يأمره أن يحمل أهله أم رومان واختيه عائشة وأسماء رضى الله عنهم جميعا ، فخرجوا جميعا مهاجرين إلى المدينة المنورة

حُمِلت السيدة عائشة رضي الله عنها إلى الدار التى أعدت لها ،دار النبي صلى الله عليه وسلم التى كانت ملتصقة بالمسجد النبوي الشريف

ومن الجدير معرفته ، أن حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات قد ضمت إلى المسجد النبوي ،إﻻ حجرة أمنا عائشة رضي الله عنها ،ففيها دفن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر و عمر رضي الله عنهما
ولقد خُطبت السيدة عائشة رضي الله عنها وتزوجت في شهر شوال ، فكانت رضي الله عنها تبارك ما عاشت هذا الشهر الذي خطبها فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، وبنى بها فيه وكانت تستحب أن تزوج النساء من أهلها في شوال وتقول :

"تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلمفي شوال وأدخلت عليه في شوال فأي نسائه كن أحظى عنده مني ؟"     ( مسلم)

اقرأ أيضا :أمهات المؤمنين ....ثانيا السيدة سودة بنت زمعة رضي الله عنها
عاشت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في بيت النبوة حياة طيبة مباركة تستشعر محبة الرسول صلى الله عليه وسلم لها وتعرف مكانتها عنده ،فلم يكن النبي صلي الله عليه وسلم يخفي محبته لها ،وكانت هي مع كل يوم في بيت النبوة تزداد حبا وقربا منه عليه الصلاة والسلام ، وكيف لا وهو يحيطها برعايته وحبه يداعبها ويسميها عائش محبة لها ، ويخبرها انها زوجته في الدنيا والآخرة

فعنها رضي الله عنها قالت : قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
"أَما تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي زَوْجَتِي في الدنيا و الآخرةِ ؟ قُلْتُ : بلى قال : فَأنْتِ زَوْجَتِي في الدنيا والآخرة "
الألباني

اقتربت منه عليه الصلاةوالسلام وازدادت تعلقا به، وكان عليه الصلاة والسلام يعلم حالها ومتى تكون راضية ومتى تكون غاضبة ،فقد قال لها يوما :
" إِنَّي لأعلَمُ إذا كنتِ عني راضيةً ، وإذا كنتِ علَيَّ غضْبَى ، أمَّا إذا كنتِ عني راضِيَةً ، فإِنَّكِ تقولِينَ : لَا و ربِّ محمدٍ ، وإذا كنتِ علَيَّ غضبى قلتِ : لا و ربِّ إبراهيمَ" فقلت :صدقت يارسول الله
اﻷلباني

وكانت هى رضى الله عنها تعرف متى تساله وتطلب منه ، فعنها رضى الله عنها قالت:
لمَّا رأيتُ مِن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم طِيبَ النَّفْس قلت: يا رسولَ الله، ادعُ اللهَ لي، فقال: ((اللهمَّ اغفرْ لعائشةَ ما تقدَّم مِن ذنبِها وما تأخَّر، وما أسَرَّتْ وما أعْلَنتْ))، فضحِكتْ عائشةُ رضي الله عنها حتى سقَط رأسها في حجْرِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم من الضحِك، فقال: ((أيَسرُّكِ دُعائي؟))، فقالت: وما لي لا يَسرُّني دعاؤك؟! فقال: ((واللهِ إنَّها لدَعْوَتي))
حَسَّنه الألباني.
و لم تكن السيدة عائشة رضي الله عنها تشعر بالغيرة من وجود السيدة سودة رضي الله عنها، فقد عاملتها السيدة سودةرضي الله عنها منذ دخلت بيت النبوة بحب وكانت لها مكانتها عندها التى لم تنافسها فيها أي من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ،حتى انها تنازلت لها عن يومها محبة وإرضاءا للرسول صلي الله عليه وسلم فقد كانت تعلم مكانة عائشة رضي الله عنها في قلبه

ولكنها كانت تغار من زوجته الأولى السيدة خديجة رضي الله عنها رغم وفاتها، وتقر بذلك وتحكي : «اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فعْرِفُ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ وَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ:" اللَّهُمَّ هَالَةَ بنت خويلد"
قَالَتْ: فَغِرْت، فَقُلْت: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ من الدَّهْرِ، قد أَبْدَلَك اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا»
البخاري ومسلم

وعند ابن كثير أنه صلي الله عليه وسلم ،رد عليها فقال : «مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا، وقَدْ آمَنَتْ بِي إذَ كَفَرَ بي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إذَ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَواستني بمَالِهَا إذَ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدَهَا إذ حَرَمَنِي أولاد النساء.»
البداية والنهاية

وازدادت الغيرة مع دخول زهرات جديدة لبيت النبوة ، فبدأت السيدة عائشة رضي الله عنها تغار على الرسول صلى الله عليه وسلم ،فهى تحبه حبا جما ويظهر ذلك في غيرتها عليه صلي الله عليه وسلم

ففي يوم من الأيام وبينما النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في منزل عائشة رضي الله عنها ،إذا بإحدي أمهات المؤمنين ترسل بصفحة(إناء) فيها طعام ،فغضبت عائشة رضي الله عنها وغارت، وضربت يد الخادم الذي جاء بالصفحة ،فسقطت الصفحة فانفلقت نصفين
فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن قال ﻷصحابه : " غارت أمكم ،غارت أمكم " ثم جمع فلق الصفحة وجعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصفحة ، و أخذ من عند السيدة عائشة صفحة سليمة فارسلها للأخرى ،وأبقى الصفحة المكسورة عند السيدة عائشة رضي الله عنها
البخاري

وهاهى رضي الله عنها تحكى كيف أنها لما رأت السيدة جويرية رضي الله عنها، لما جاءت تسأل الرسول صلى الله عليه وسلم في كتابتها ، كرهت مكانها ، فتقول رضي الله عنها:
"ْ وقعَتْ جُوَيرِيَةُ بنتُ الحارثِ بنِ المُصْطَلِقِ في سهمِ ثابتِ بنِ قيسِ بنِ الشمَّاسِ أو ابنِ عمٍّ له فكاتَبَتْ على نفْسِها وكانت امرأةً صالحةً تأخَذها العينُ فجاءَتْ تسأَلُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في كتابتِها فلما قامَتْ على البابِ فرأيتُها فكَرِهْتُ مكانَها وعرَفْتُ أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سيَرَى منها مثلَ الذي رأيتُ "

شارك برأيك

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

TvQuran
,