إن آدم هو أبو البشر، وأول المخلوقات الإنسانية، خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته، وجعله خليفته في الأرض، وكرمه هو وذريته من بعده، فسخر لهم ما في الأرض جميعاً.
ما هي مواصفات آدم عليه السلام بالأدلة ومما خلق؟
روى الطبري عن سبب التسمية بضع روايات تقول بأن آدم خلق من أديم الأرض فسمي آدم، وروي عن علي، كرم الله وجهه، أن آدم خلق من أديم الأرض، فيه الطيب والصالح والرديء وهذا في ولده (الصالح والطالح)، أما عن طوله، (فقد ورد في ذلك نص نبوي صحيح، في صحيح البخاري، روى أبو هريرة ــ رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، ـ قال: (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ المَلاَئِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ).
ما معنى خلقه في أحسن تقويم؟ وماهي المراحل التي مر بها خلق آدم؟
من نعم الله على الإنسان أنه خلقه (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، في أعدل خلق وأحسن صورة وعرفه ذلك، وخاطبه به (يا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ* الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ* فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ)، وقد مر خلق آدم بعدة مراحل:
مرحلة التراب: (ِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، ثم مرحلة، الطين، (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ)، ثم مرحلة الصلصال والحمأ المسنون: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)، (خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ)، يقول الشيخ الشعراوي إن أول مواد خلق آدم هي التراب، ثم وضع الماءعلى التراب فأصبح طينا، والطين تركناه فتغير لونه وأصبح صلصالا، الصلصال، جف فأصبح حمأ مسنونا، ثم نحته في صورة إنسان ونفخ الحق ــ سبحانه وتعالى ــ فيه الروح فأصبح بشرًا، ثم يأتي الموت وهو نقض للحياة، ونقض كل شيء يأتي على عكس بنائه.
وقد وضحت السنة النبوية الصحيحة أن الناس جاءوا في أوصافهم على قدر الأرض التي خلقوا منها، فقد قَالَ النبي، "صلى الله عليه وسلم"، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ. جَاءَ مِنْهُمُ الْأَبْيَضُ وَالْأَحْمَرُ وَالْأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالْخَبِيثُ، وَالطَّيِّبُ وَالسَّهْلُ، وَالْحَزْنُ وَبَيْنَ ذَلِكَ.
هل تم تحديد وقت خلق الإنسان؟
وضحت السنة النبوية من خلال صحيح مسلم، وقت خلق آدم، محددة ذلك باليوم والساعة، وذلك في رواية أبي هريرة عن رَسُولُ الله، صلى الله عليه وسلم، ــقال: (َخَلَقَ آدَمَ ــ عَلَيْهِ السَّلَامُ ــ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فِي آخِرِ الْخَلْقِ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ، فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ).
هل كان طوله ستين ذراعًا؟ ومن كان أول مخاطب له؟
أما عن طوله، وأول حديث دار بينه وبين خالقه ــ تعالى ــ فقد ثبت في السنة النبوية، حيث قال النبي، صلى الله عليه وسلم، خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ المَلاَئِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ،تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآن.
لماذا جعله الله خليفته في الأرض ؟ وهل اعترضت الملائكة على الإنسان حينما اتهمته بالفساد؟
سجل القرآن الكريم هذه المرحلة المهمة من حياة آدم عليه ــ وذلك في قاله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ* وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ *قَالُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ *قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ *وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَوَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ *وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ* فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّوَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ* فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ* قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُواوَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون).
لم تعترض الملائكة
ذكر ابن كثير أن الله تعالى (أخبر الملائكة بخلق آدم وذريته على سبيل التنويه كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه، فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام) عن وجه الحكمة لا على وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم كما يتوهمه بعض أدعياء العلم بالتفسير.
ويذكر بعض المفسرين المعاصرين أنه يستنبط من ذلك أن الملائكة رأت خلقاً آخر عاش على الأرض وأفسد فيها، فكأنهم عاشوا التجربة من قبل، ولكن عليهم أن يذعنوا لأمر الله الذى يأمر فلا يعصيه أحد، وكان إخبار الله للملائكة الذين لهم صلة بخدمة الخليفة القادم على الأرض ومن لهم قدرة خلقها الله لهم على التدبير، لأنهم سوف يخدمون هذا الخليفة، لذلك أمرهم بالسجود، لكن هناك نوع من الملائكة لم يخبرهم الله بخلق الإنسان؛ لأنهم لا صلة لهم بالمخلوق، وهم الذين لا عمل لهم إلا التسبيح والعبادة.
سخر الله لآدم كل المخلوقات
وهكذا أمر الخالق أكرم مخلوقاته بالسجود لخليفته في الأرض (الإنسان) ـ وسخر له كل مخلوقاته الأخرى المحيطة به لخدمته، وقد هيأ الله ــ تعالى ــ له البيئة الملائمة للحياة وللخلافة وللعبادة وللعمارة في هذه البيئة، قال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشا وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً وَأَنزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً لِنُخْرِجَ بِهِ حَباًّ وَنَبَاتاً وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً).