السنن المهجورة عن النبي هي السنن القولية والفعلية التي سنها النبي - صلى الله عليه وسلم- وشاع تركها بين المسلمين في هذا الزمان، وهذه السنن المهجورة تتفاوت في منزلتها، فبعض السنن أكدها النبي - عليه السلام- وواظب عليها في السفر والحضر، وبعضها لم يواظب عليها، ومما واظب عليه النبي السنن الرواتب قبل الصلوات وبعدها، وكذلك الوتر، وركعتي الفجر.
إحياء السنن المهجورة:
يقصد بإحياء السنن المهجورة أن يذكر الناس بما كان النبي الكريم يحرص عليه من السنن والأعمال المشروعة في الوقت الذي انشغل الناس عنها وتركوا أغلبها، ويتضمن إحياء السنن المهجورة العلم بها، والعمل بها، ونشرها بين الناس، وحثهم على التمسك بها، وتحذيرهم من تركها ومخالفتها.
وقد جاء في السنة النبوية فضل من أحيا سنة من سنن النبي، قال - صلى الله عليه وسلم-: «من أحيا سنةً من سنتِي قد أُمِيتَتْ بعدِي، فإنًَّ له من الأجْرِ مثلُ من عملَ بها من الناسِ لا ينقصُ ذلكَ من أجورهِم، ومن ابتدعَ بدعةً لا تُرضِي اللهَ ورسولهُ، فإن له إثمَ من عملَ بها من الناسِ لا ينقصُ ذلك من آثامِ الناسِ شيئًا».
السنة حسب تعريف أهل العلم:
هي ما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلال حياته كلها، وتعد السنة النبوية الشريفة هي المصدر الثاني للتشريع في الإسلام، وقد أوصى القرآن الكريم وهو المصدر الأول للتشريع في الديانة الإٍسلامية الحنيفة على ضرورة اتباع السنة النيبوية المشرفة فقد قال الله - عز وجل- في كتابه الكريم: " قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ".
وفي هذه الآية القرآنية دليل واضح على ضرورة اتباع السنة النبوية المشرفة، أما الدليل الثاني فهو أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد فسر العديد من المسائل الخلافية والمسائل والواجبات الواردة في القرآن الكريم، والتي لو لم ترد في السنة النبوية المشرفة لوجد المسلمون فيها اختلافًا كبيرًا ولقام كل مسلم بها بالطريقة التي تهواها نفسه.
فعلى سبيل المثل أمر الله - عز وجل' بالصلاة في القرآن الكريم إلّا أنّه لم يذكر كيفيتها، ولكن استدل الصحابة الكرام والمسلمون من بعدهم على طريقة أدائها عن طريق أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم- وأدائه لها وعن طريق توجيهه للصحابة الكرام، وكذلك في الحج والعمرة والأخلاق الإسلامية التي يجب أن يتحلى بها المسلمون أجمعون والتي تحلى بها الصحابة الكرام من قبلنا واستطاعوا من خلالها بناء الحضارة الإسلامية، فعن أبي هريرة- رضي الله عنه-أنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:" إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق".
فكان الرسول - عليه السلام- أحسن الناس خلقًا وخُلقًا فجعله الله عز وجل قدوةً للبشرية جمعاء والنموذج الكامل للإنسان المسلم فهو منزه عن الخطأ ومؤيد بالوحي، وبما أنه - عليه السلام- هو القدوة لنا جميعًا جاء ما يعرف بالسنة، وهي عادات الرسول- صلى الله عليه وسلم-.
من السنن المهجورة:
1) ورد الصلاة على النبي:
من السنن المهجورة عدم جعل وِرْد للصلاة والسلام على سيدنا رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لذا علينا أن نخصص في كل يوم جزءً من الوقت- للصلاة والسلام عليه -، فعن أبي: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: «ما شئت»، قال: قلت: الربع، قال: «ما شئت فإن زدت فهو خير لك»، قلت: النصف، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قال: قلت: فالثلثين، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قلت: أجعل لك صلاتي كلها قال: «إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك».
2)المضمضة والاستنشاق بكف واحدة :
فعن عبد الله بن زيد – رضي الله عنه- في صفة وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: « أنه أفرغ من الإناء على يديه فغسلهما ثم غسل أو مضمض واستنشق من كف واحدة ففعل ذلك ثلاثًا… ثم قال: هكذا وضوء رسول الله – صلى الله عليه وسلم- »، أخرجه البخاري .
3) سنن النبي عند نزول المطر:
أولًا: عند نزول المطر، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يردد دعاء المطر، الوارد في الحديث الذي روي عن عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى المَطَرَ قَالَ: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» رواه البخاري (1032)، وفي لفظ لأبي داود (5099) أنه كان يقول: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا».
ثانيًا: يستحب التعرض للمطر، فيصيب المطر شيئًا من بدن الإنسان لما ثبت عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أنه قال: «أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطَرٌ، قَالَ: «فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَهُ ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ:
«لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى» رواه مسلم (898).
ثالثًا: عند اشتداد المطر كان -صلى الله عليه وسلم- إذا اشتد المطر قال: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» رواه البخاري (1014).
رابعًا: بعد نزول المطر يقول بعد المطر: «مُطرنا بفضل الله ورحمته» لحديث زيد بن خالد الجهني المتفق عليه وفيه: «وأمَّا من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب».
خامسًا: عند سماع صوت الرعد، ثبت عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ» (رواه البخاري في "الأدب المفرد" (723).
سادسًا: إذا عصفت الريح عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- إذا عصفت الريح، قال: «اللهم إنِّي أسالك خيرَها وخيرَ ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شَرِّها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به». متفق عليه.
سابعًا: الدعاء عند نزول المطر، وقت نزول الغيث هو وقت فضل ورحمة الله من الله على عباده، وتوسعة عليهم بأسباب الخير، وهو مظنة لإجابة الدعاء عنده، وجاء في حديث سهْلِ بنِ سعد -رضي الله عنه- أن رسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: «اثِنَتانِ لاَ تُرَدَّانِ، أوْ قَلَّمَا تُردَّانِ: الدُّعَاءُ عِنْد النِّدَاءِ وعِند البأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُم بَعضًا» (رواه أبُو دَاوُدَ بإسناد صحيح).