من يتحالف مع الفلول: الإخوان أم الثوار؟!


بقلم / د.يحيى القزاز
كنت فى طليعة 8 مليون مصرى- من غير جماعة الإخوان- وقفنا مع إنتخاب مرسى رئيسا لجمهورية ما بعد ثورة 25 يناير ضد الجنرال أحمد شفيق أحد رموز دولة "مبارك" الاستبدادية.
 كان الاختيار صعبا ومرا واخترنا "النار ولا العار" من أجل تأسيس دولة ديمقراطية قوية حتى وإن اختلفنا مع رئيسها، وإذا به وعندما تسلم مقاليد الحكم انحاز إلى سابق عهد الجماعة وتحالف مع فلول النظام القديم وكون وزارته برئاسة د.هشام قنديل واختار رجال أعمال من نظام "مبارك" شركاء له فى الاستثمار (اصطحب بعضهم فى زياررته للصين).
 صرح بأنه مع الشرعية القانونية ولن يُقدم الدستور الجديد للاستفتاء عليه إلا بعد توافق عام.
فجأة قام بانقلاب دستورى (إعلان دستورى فى أواخر نوفمبر 2012) حصن به قراراته وكأنه الإله الذى لا يُسأل عما يفعل، وحدد موعدا للاستفتاء على الدستور بدون توافق عام وانحاز إلى جماعته وبدلا من أن يصير رئيسا لجمهورية مصر العربية صار شيخا لقبيلة الإخوان، واستدعى ميليشيات الإخوان لحمايته فى مقر المشيخة بقصر الاتحادية. نشبت معارك بدعاوى حماية شرعية شيخ القبيلة وقُتل شباب من خيرة شباب مصر بسبب احتجاجهم على سياسة شيخ القبيلة.
 ادعت قبيلة الإخوان أن جميع القتلى من قبيلتهم، وكأن قبيلة الإخوان صارت جنسية مثبته فى بطاقة الهوية للمواطن، ومن الاطلاع عليها يعرف أن هذا إخوانى وذاك مصرى.
إنه التقسيم الطائفى فى أسوأ مظاهره. هؤلاء مصريون دمهم حرام على بعضهم البعض، ونحن ندين القتل ولا نفرق بين أى منهم، جميعهم أبناؤنا ونتألم ونبكى دما على فراقهم، فهم سواعد مستقبل هذا الوطن، وهم القوة الضاربة فى وجه العدو الصهيوأمريكى. أنظروا حتى فى الموت يفرقون بين أبناء الوطن الواحد، هل هؤلاء يؤتمنون على إدارة وطن؟ وهل هم حريصون على وحدة أبنائه؟ كيف لعاقل أن يفرق بين إخوانى وغير إخوانى عند الموت؟ هل الإخوانية جنس أم وطن أم أيدلوجية سياسية لحكم الدولة؟ وبغض النظر عن جنسية الموتى فمن السبب فى الاقتتال؟! أليس هو السيد الرئيس مرسى! ما الفرق بينه وبين مبارك أو المجلس العسكرى القاتل؟ كلهم قتلة وتجب محاكمتهم بتهمة الخيانة والقتل.
وعندما تورطوا فى قتل الإبرياء المناهضين لاستبداد شيخ القبيلة ادعوا أن جميع القنلى من "الإخوان"، واتهموا الثوار بالتحالف مع الفلول، ودعوا لحوار الطرشان، واشترطوا ابعاد الفلول، ولا نعرف عن أى فلول يتحدثون؟! وهم أول من تحالفوا مع الفلول منذ أن كانت الفلول أصولا فى السلطة –قبل ثورة يناير 2011- وقبل ان يصبحوا فلولا بعد الثورة، ونذكر منها وهو موثق ما قاله المرشد السابق لجماعة "الإخوان" مهدى عاكف لمجلة اخر ساعة فى 20/7/2005 " نؤيد ترشيح الرئيس مبارك وأتمنى الجلوس معه"، وما قاله د.عبدالحميد الغزالى مستشار مرشد الإخوان لصحيفة المصرى اليوم بتاريخ 29-10-2009 " نعم عقدنا صفقات مع الأمن فى 2005 لكن النظام نقضها " ، وما ذكره د. محمد مرسى مسئول لجنة الانتخابات فى الإخوان آنذاك (رئيس الجمهورية الحالى ) فى جريدة المصرى اليوم بتاريخ 25-11-2010"ننسق فى دوائر مع الوطنى.. ولدينا تفاهمات مع الامن ورفضنا الدفع بمرشحين أمام عزمى وغالى وعلام وأبو النجا احتراما لهم كرموز للوطن"، هذا هو حالهم قبل الثورة يعقدون الصفقات وينسقون مع الفاسدين والمستبدين، ويتهمون غيرهم بالتنسيق مع فلول النظام البائد.
ليت هذا فحسب بل امتد التنسيق والتواطؤ منذ قيام ثورة 25 يناير مع مجلس مبارك العسكرى، وأبرزها الاستفتاء على إعلان دستورى مزور (ادعى الإخوان وحلفاؤهم بأنه استفتاء على شرعية إعلان 19 مارس 2011 وهو إعلان مزور بدأ بالاستفتاء على 8 مواد وأضاف له المجلس العسكرى 54 مادة ليصبح إعلانا من 62 مادة) اختطفوا بموجبه الثورة. نوع من التدليس غير مسبوق، وهو ماتدفع مصر ثمنه الآن، وبدلا من أن تكون لنا دولة مستقرة على أساس دستورى أصبح لنا دولة معلقة تترنح فى يد الجماعة بغير أساس دستورى. تواطؤا مع الفلول (مجلس مبارك العسكرى) لإجراء انتخابات برلمانية والمجلس العسكرى يقتل المصريين أمام "ماسبيرو" وفى شارع محمد محمود، ويتهمون الثوار الرافضين لظلم مجلس مبارك العسكرى بالبلطجية الذين يعطلون الانتخابات الديمقراطية. رفض الثوار وزارة "د.كمال الجنزورى" ودفعوا ثمن رفضهم من أرواحهم شهداء أمام مجلس الوزراء وفى شارع القصر العينى، بينما باركها جماعة الإخوان وزكاها مرشدهم "د. بديع" بقوله إنه "اختيار موفق" ثم اختلف الإخوان بعد ذلك مع وزارة الجنزورى والمجلس العسكرى واعترفوا بخطئهم بعد فوات الآوان. تجدهم دائما أينما توجد مصلحتهم، ومصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الوطن. التقوا الجنرال شفيق بعد إزاحة نظام مبارك بثورة 25 يناير واعترفوا بلقائه وبرروه بأنه كان قبل الانتاخابات الرئاسية أى أن شفيق كان قبل الانتخابات لاينتمى للفلول ولا للثورة المضادة.. كلام غريب. تحالفوا مع شفيق واتفقوا معه سرا واليوم يتهمونه.. يا سبحان الله.. اسألوا حسن مالك ماذا كان يصنع مع شفيق؟
قبلوا مشاركة رموز النظام السابق الانتخابات الرئاسية من أمثال عمرو موسى واحمد شفيق وأعلنوا صراحة أنهم سيقبلون بمن يجئ به صندوق الانتخابات، وفى هذا اعترافا منهم بعدم انتماء هؤلاء إلى نظام مبارك بينما نحن أعلنا رفضنا لهما وعدم اعترافنا بشرعية أى منهما حتى لو جاء به صندوق الانتخابات رئيسا. كنا مع الموقف المبدئى والثورة، وكانوا دوما مع المصلحة. قاموا بإقصاء الصحفى جمال عبدالرحيم من رئاسة تحرير الجمهورية لأنه نشر خبرا عن محاكمة رموز المجلس العسكرى التابع لنظام مبارك، واعتذر رئيس الدولة د.مرسى بلغة مهذبة لرجال مبارك بأنه تربطه بهم علاقة طيبة خوفا من انقلابهم عليه، ومازال يسترضيهم، وقام بتكريمهم بالأنواط والنياشين وإطلاق اسم المشير على محور يسمى محور المشير طنطاوى تبدأ الإشارة إليه قبل موقعه بأكثر من خمسة كيلومترات تحت سمع وبصر الجميع، تشير إليه إشارتان تراهما من عند مطلع كوبرى 6 أكتوبر بشارع النصر ذات اليمين وذات الشمال.. يكرمون رجال مبارك ويدعون تطهير البلاد منهم.. إنه التناقض الغريب والمصلحة التى تستبيح كل شيئ. وبعد كل هذا يقولون الثوار يتحالفون ويتعايشون مع الفلول، بربكم من الذى يتحالف مع الفلول من أجل مصالح خاصة؟ وللأسف يستخدمون التدليس ويدعون أن الرافضين لسياسات مرسى بأنهم رافضون لشرع الله وكأن مرسى هو النبى محمد صلى الله عليه وسلم والرافضون هم من كفار قريش.
الرئيس مرسى علامة غير موفقة فى تاريخ الوطن ففى عهده تم تقسيم الوطن، وقد لا يستقيم الوطن إلا بإزاحته، فالرجل على المستةى السياسى فاشل إلإداريا وعلىالمستوى النفسى مهزوم داخليا، حيث سقطت هيبته كرئيس دولة من خلاله ضعفه وتردده والهتافات المنددة بسوء إدارته والمطالبة برحيله، ولن يتخذ مواقفا إلا عنادية ليثبت أنه الأقوى.. وهذا حال الضعيف المهزوم داخليا الذى يستقوى بالسلطة ضد العزل. الضعيف هو الذى يستقوى بالسلطة وينتقم لنفسه باسم السلطة والدين من كل مؤسسات الدولة وشعبها.
مصر بحاجة إلى مرحلة انتقالية يديرها عقلاء لامصلحة لهم، وإجراء انتخابات نزيهة مبكرة لكل مؤسسات الدولة بما فيها رئاسة الجمهورية. ربما نكون بحاجة إلى رجل بشهامة وشجاعة ووطنية "الفريق سوار الذهب" للعبور بنا من المرحلة الملتبسة.
لن نتحدث عن مواقفنا الوطنية، وطردنا للفلول من الميادين فهى معروفة وموثقة، ووطنيتنا وحبنا لمصر وعشقنا للإسلام ليس محل مزايدة من متاجرين مدلسين. نعم نريد أن يسود شرع الله بدعوة إسلامية خالصة للناس عامة خالصة لوجه الله وليس دعوة سياسية بغلاف إسلامى تعمل على خصخصة الدين لصالح فصيل معين يريد أن يسيطر باسم الدين ويمارس الفاشية.

 أفيقوا قبل أن تصبح مصر لبنان آخر وينقسم الشعب شعبين. أين كانت القوى التى تدعى الدفاع عن شرع الله وقت حكم مبارك؟
أرى فى تراجع د.محمد مرسى عن قراراته الاستبدادية فضيلة وكرم وحب لوطنه ودينه وهو فى موقع المسئولية وهو الأقوى، وتراجع القوى تواضع، وتنازل الأضعف إهانة وذل.
TvQuran
,