قصص الأنبياء ..النبي هود عليه السلام

قصص الأنبياء ..النبي هود عليه السلام


اولا نبذة مختصرة

أرسل هود إلى قوم عاد الذين كانوا بالأحقاف، وكانوا أقوياء الجسم والبنيان،وآتاهم الله الكثير من رزقه ولكنهم لم يشكروا الله على ما آتاهم وعبدوا الأصنام،فأرسل لهم الله هودا نبيا مبشرا، كان حكيما ولكنهم كذبوه وآذوه فجاء عقاب الله وأهلكهم بريح صرصر
عاتية،استمرت سبع ليال وثمانية أيام
عاش النبي هود 464 سنة. دفن النبي شرقي حضرموت(اليمن).
من دعاء هود عليه السلام "إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دآبة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم "

ثانيا: عبادة عاد للأصنام
بعد أن ابتلعت الأرض مياه الطوفان الذي أغرق من كفر بنوح عليه السلام،قام من آمن معه ونجى بعمارة الأرض فكان كل من على الأرض فيذلك الوقت من المؤمنين، لم يكن
بينهم كافر واحد.
ومرت سنوات وسنوات، مات الآباء والأبناء وجاء أبناء الأبناء.نسى الناس وصية نوح،
وعادت عبادة الأصنام. انحرف الناس عن عبادة الله وحده،وتم الأمر بنفس الخدعة القديمة.
قال أحفاد قوم نوح:لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله منالطوفان،وصنعوا للناجين تماثيل ليذكروهم بها،
وتطور هذا التعظيم جيلا بعد جيل، فإذا الأمر ينقلب إلىالعبادة، وإذا بالتماثيل تتحول
بمكر من الشيطان إلى آلهة مع الله.

وعادت الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية وأرسل الله هودا إلى قومه.


ثالثا: موقع وقوة عاد

كان "هود" من قبيلة اسمها "عاد"  وكانت قبيلة عاد تسكن مكانا يسمى الأحقاف.وهو صحراء تمتلئ بالرمال، وتطل على البحر. 
أما مساكن عاد فكانت خياما كبيرة لها أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع، وكان قوم عاد أعظم أهل زمانهم في قوة الأجسام والطول والشدة كانوا عمالقة وأقوياء،فكانوا يتفاخرون بقوتهم.

لم يكن في زمانهم أحد في قوتهم، ورغم ضخامة أجسامهم، كانت لهم عقول مظلمة،كانوا يعبدون الأصنام،ويدافعون عنها،ويحاربون من أجلها،كانوا يتهمون نبيهم ويسخرون
منه وكان المفروض،ما داموا قد اعترفوا أنهم أشد الناس قوة، أن يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة.

رابعا: إرسال هود عليه السلام

قال النبي هود لقومه نفس الكلمة التي يقولها كل رسول لاتتغيرولا تنقص ولا تتردد ولا تخاف ولا تتراجع،كلمة واحدة هي الشجاعة كلها،وهي الحق وحده (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ).

وسأل قوم عاد: هل تريد ياهود أن تكون سيدا علينا بدعوتك وأي أجر تريده ؟

 إن هذه الظنون السئية تتكرر على ألسنة الكافرين عندما يدعوهم نبيهم للإيمان بالله وحده.

فعقولهم الصغيرة لاتتجاوز الحياة الدنيوية،ولا يفكروا إلا بالمجد والسلطة والرياسة.

أفهمهم هود أن أجره على الله، إنه لا يريد منهم شيئا غير أن يغسلوا عقولهم في نور الحقيقة.  حدثهم عن نعمة الله عليهم  كيف جعلهم خلفاء لقوم نوح، كيف أعطاهم بسطة في الجسم، وشدة في البأس، كيف أسكنهم الأرض التي تمنح الخير والزرع، كيف أرسل عليهم المطر الذي يحيى به الأرض. وتلفت قوم هود حولهم فوجدوا أنهم أقوى من على الأرض،وأصابتهم الكبرياء وزادوا في العناد

قالوا لهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا آباءنا يعبدونها؟
قال هود:كان آباؤكم مخطئين


خامسا دعوة هود للأيمان بالأخرة:

قال قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح ترابا يتطاير في الهواء،سنعود إلى الحياة؟

قال هود: ستعودون يوم القيامة،ويسأل الله كل واحد فيكم عما فعل

انفجرت الضحكات بعد هذه الجملة الأخيرة،ما أغرب ادعاء هودهكذا تهامس الكافرون من قومه.

إن الإنسان يموت،فإذا مات تحلل جسده،فإذا تحلل جسده تحول إلى تراب،ثم يهب الهواء ويتطايرالتراب،كيف يعود هذا كله إلى أصله

ثم ما معنى وجود يوم للقيامة؟ لماذا يقوم الأموات من موتهم؟

استقبل هود كل هذه الأسئلة بصبر كريم،ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة، أفهمهم أن إيمان الناس بالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله،مثلما هي ضرورة تتصل بحياة الناس.

قال لهم ما يقوله كل نبي عن يوم القيامة،إن حكمة الخالق المدبر لا تكتمل بمجرد بدء الخلق، ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذهالأرض.

إن هذه الحياة اختبار، يتم الحساب بعدها. فليست تصرفات الناس في الدنيا واحدة،هناك من يظلم،وهناك من يقتل، وهناك من يعتدي.  وكثيرا ما نرى الظالمين يذهبون بغير عقاب، كثيرا ما نرى المعتدين يتمتعون في الحياة  بالاحترام والسلطة.

أين تذهب شكاة المظلومين وأين يذهب ألم المضطهدين ؟هل يدفن معهم في التراب بعد الموت؟
إن العدالة تقتضي وجوديوم للقيامة.

إن الخير لا ينتصر دائما في الحياة،أحيانا ينظم الشر جيوشه ويقتل حملة الخير،هل تذهب هذه الجريمة بغير عقاب؟

إن ظلما عظيما يتأكد لو افترضنا أن يوم القيامة لن يجئ.

ولقد حرم الله تعالى الظلمعلى نفسه وجعله محرما بين عباده ومن تمام العدل وجود يوم
للقيامة والحساب والجزاء. ذلك أن يوم القيامة هو اليوم الذي تعاد فيه جميع القضايا مرة
أخرى أمام الخالق  ويعاد نظرها مرة أخرى، ويحكم فيها رب العالمين سبحانه هذه هي الضرورة الأولى ليوم القيامة  وهي تتصل بعدالة الله ذاته.


سادسا:موقف عاد من الدعوة:

يروي المولى عزل وجل موقف الملأ (وهم الرؤساء) من دعوة هود عليه السلام.

سنرى هؤلاء الملأ في كل قصص الأنبياء،سنرى رؤساء القوم وأغنيائهم ومترفيهم يقفون ضد الأنبياء.

يصفهم الله تعالى بقوله:(وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)

من مواقع الثراء والغنى والترف يولد الحرص على استمرار المصالح الخاصة،ومن مواقع الثراء والغنى والترف والرياسة،يولد الكبرياء ويلتفت الرؤساء في القوم إلى أنفسهم ويتساءلون: أليس هذا النبي بشرا مثلنا، يأكل مما نأكل ؟ ويشرب مما نشرب؟

بل لعله بفقره يأكل أقل مما نأكل،ويشرب في أكواب صدئة ونحن نشرب في أكواب الذهب والفضة

كيف يدعي هود أنه على الحق ونحن على الباطل؟
هذا بشر كيف نطيع بشرامثلنا؟

ثم لماذا اختار الله بشرا من بيننا ليوحى إليه؟

قال رؤساء قوم هود:أليس غريبا أن يختار الله من بيننا بشرا ويوحي إليه ؟

تسائل هو ( النبي هود): ما هو الغريب في ذلك ؟إن الله الرحيم بكم قد أرسلني إليكم
لأحذركم  إن سفينة نوح،وقصة نوح ليست ببعيدة عنكم، لا تنسوا ما حدث، لقد هلك الذين كفروا بالله،وسيهلك الذين يكفرون بالله دائما، مهما يكونوا أقوياء.
قال رؤساء قوم هود: من الذي سيهلكنا يا هود؟

 قال هود: الله .

قال الكافرون من قوم هود:ستنجينا آلهتنا. 
وأفهمهم هود أن هذه الآلهة  التي يعبدونها لتقربهم من الله، هي نفسها التي تبعدهم عن الله.
أفهمهم أن الله هو وحده الذي ينجي الناس،وأن أي قوة أخرى في الأرض لا تستطيع أن
تضر أو تنفع



سابعا:اتهام عاد للنبي هود بالجنون

واستمر الصراع بين هود وقومه،وكلما استمر الصراع ومرت الأيام،زاد قوم هود استكباراوعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم.

وبدءوا يتهمون "هودا" عليه السلام بأنه سفيه مجنون.

قالوا للنبي هود يوما: لقد فهمنا الآن سر جنونك، إنك تسب آلهتنا وقد غضبت آلهتنا
عليك، وبسبب غضبها صرت مجنونا.

انظروا للسذاجة التي وصل إليها تفكيرهم،إنهم يظنون أن هذه الحجارة لها قوى على من صنعها، لها تأثير على الإنسان مع أنها لا تسمع ولا ترى ولا تنطق. 
لم يتوقف هود عند هذيانهم ولم يغضبه أن يظنوا به الجنون والهذيان، ولكنه توقف عند قولهم: (وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ).
بعد هذا التحدي لم يبق لهود إلا التحدي،لم يبق له إلاالتوجه إلى الله وحده، لم يبق أمامه إلا إنذار أخير ينطوي على وعيد للمكذبين وتهديدا لهم.
اقرأ أيضا :قصص الأنبياء ....النبي نوح عليه السلام (الجزء الثانى )

وتحدث هود:{إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ☆مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُون☆إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا  إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ☆فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ(سورةهود)

إن الإنسان ليشعر بالدهشة لهذه الجرأة في الحق، رجل واحد يواجه قوما غلاظا شدادا وحمقى، يتصورون أن أصنام الحجارة تستطيع الإيذاء.

إنسان بمفرده يقف ضد جبارين فيسفه عقيدتهم، ويتبرأ منهم ومن آلهتهم، ويتحداهم أن
يكيدوا له بغير إبطاء أو إهمال، فهو على استعداد لتلقي كيدهم،وهو على استعداد لحربهم
فقد توكل على الله،والله هو القوي بحق، وهو الآخذ بناصية كل دابة في الأرض، سواء الدواب من الناس أو دواب الوحوش أو الحيوان، لا شيء يعجز الله. 
بهذا الإيمان بالله،والثقة بوعده، والاطمئنان إلى نصره، يخاطب هود الذين كفروا من قومه.

وهو يفعل ذلك رغم وحدته وضعفه،لأنه يقف مع الأمن الحقيقي وهوفي حديثه يفهم قومه انه ادئ  الأمانة، وبلغ الرسالة. فإن كفروا فسوف يستخلف الله قوما غيرهم، سوف يستبدل بهم قوما آخرين، وهذا معناه أن ينتظروا العذاب .

ثامنا وأخيرا: هلاك عاد

وهكذا أعلن هود لهم براءته منهم ومن آلهتهم،وتوكل على الله الذي خلقه، وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومه.

هذا قانون من قوانين الحياة يعذب الله الذين كفروا، مهما كانوا أقوياء أوأغنياء أوجبابرة أوعمالقة ، انتظر هود وانتظر قومه وعد الله،وبدأ الجفاف في الأرض،لم تعد السماء تمطر، وهرع قوم هود اليه.

ما هذا الجفاف يا هود؟
قال هود: إن الله غاضب عليكم،ولو آمنتم فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم وسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية والكفر،وزاد  الجفاف،واصفرت الأشجار الخضراء ومات الزرع.وجاء يوم فإذا سحاب عظيم  يملأ السماء،وفرح قوم هود وخرجوا من بيوتهم يقولون:(هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا).

تغير الجو فجأة،من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس،بدأت الرياح تهب .
ارتعش كل شيء،ارتعشت الأشجار والنباتات والرجال والنساء والخيام. واستمرت الريح، ليلة بعد ليلة، ويوما بعد يوم، كل ساعة كانت برودتها تزداد،وبدأ قوم هود
يفرون، أسرعوا إلى الخيام واختبئوا داخلها،اشتد هبوب الرياح واقتلعت الخيام، واختبئوا تحت الأغطية، فاشتد هبوب الرياح وتطايرت الأغطية

كانت الرياح تمزق الملابس لا تكاد الريح تمس شيئا إلا قتلته ودمرته، وجعلته كالرميم.
 استمرت الرياح مسلطة عليهم سبع ليال وثمانية أيام لم تر الدنيا مثلها قط.

ثم توقفت الريح بإذن ربها،ولم يعد باقيا ممن كفر من قوم هود وهلك الجبابرة

قال تعالى في سورة الفجر{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ☆ إرم ذَاتِ الْعِمَادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ}

نجا هود ومن آمن معه، وهذه نهاية عادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته

 قيل عاش النبي هود  عليه السلام 464 سنة.  وقيل دفن النبي هود شرقي حضرموت في (اليمن)

شارك برأيك

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

TvQuran
,