بيت العنكبوت ..كتاب خطير


كتاب
(بيت العنكبوت)
دكتور أحمد راسم النفيس
طبعة القاهرة أبريل 2010
يمتاز بيت العنكبوت بصفتين:
الصفة الأولى: هو بنائه الضعيف الذي يمكن له أن ينهار لدى أول هبة ريح تطاله فتجعل منه أثرا بعد عين.
والصفة الثانية: هي افتقاده لنقطة البدء والمنتهي, فلا يمكن للمتأمل فيه وفي أحواله أن يعرف أين وكيف وبدأ ولا كيف ينتهي.
هكذا يحدث عندما تتشابك الخيوط وتطلسم الطلاسم فيختلط الحابل بالنابل ويخفى على المرء وجه الخطأ والصواب والحق والباطل.
البناء الفقهي والعقائدي لا بد له أن يكون واضحا صافيا لا مجال فيه لهذه الدرجة من التخبط والارتباك بحيث لا يعرف الناس وجه الخطأ من الصواب ولا أين يقع الحلال أو الحرام كما هو حالنا الآن.
القابضون على أعناق المسلمين المتحكمون في مصائرهم يسعدهم ويرضيهم هذا الحال, بل ويمكننا أن نزعم أنهم هم من أنشأه وأسس له ليبقى الدين كله حمال أوجه تقول ويقولون!!.
قالوا وما أكثر ما قالوا!! أنهم يرغبون في إعادة إنتاج خطاب ديني معاصر ينبذ العنف والإرهاب ويؤسس لحرية الفكر واحترام حقوق الإنسان في حين يشهد واقعنا المعاصر على عكس ذلك!!.
لهذه الأسباب قررنا أن نفتح باب النقاش حول أحد التابوهات الموروثة في ثقافتنا والقائلة بأن البخاري ومسلم هما أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل وأن من يتجرأ على مناقشة هذه الحتمية الوهمية هو منكر للسنة النبوية ومنكر السنة زنديق وكافر!!.
وقبل أن نخوض هذه الملحمة الفكرية التاريخية التراثية نؤكد على أننا لا ننكر صحة ما ورد في هذه الكتب بصورة مطلقة بل نؤكد على أن هذه الكتب بها الصحيح والضعيف وبها خلط متعمد أو عشوائي بين ما له أصل وما ليس له أصل وأن عملية الخلط هذه جاءت في إطار خطة أموية ما زالت متواصلة حتى الآن هدفت إلى إقصاء أئمة أهل البيت عليهم السلام وتقديم (تصور إسلامي بديل) يفسح المجال لهيمنة القوى المتسلطة على رقاب الناس باسم الدين والدين منهم ومن خلطهم وتلبيسهم براء.
الآن خرج النقاش حول قداسة تلك الكتب المسماة بالصحاح إلى العلن ولم يعد بوسع القوم إعادته مرة أخرى داخل العلبة!!.
ورغم أن المسلمين عاشوا أكثر من قرنين من دون هذه الكتب ورغم هذا كان هناك فقه وفقهاء مما يعني أن القداسة الممنوحة لهذه الكتب (لو سلمنا بذلك) ليست أصيلة أصالة القرآن كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
معلوم أن البخاري صاحب أقدس هذه الكتب الذي يُزعم أنه أصح الكتب بعد كتاب الله, قد توفاه الله بعد عام 250هـ ناهيك عن أن أي كتاب لا ينال شهرته إلا بعد سنين أو عقود وربما بعد قرون فمن حقنا أن نعرف متى وكيف أصبح هذا الكتاب مقدسا ومتى نالت هذه الكتب رتبة (أصح الكتب بعد كتاب الله)؟!.
بديهية أخرى لا ينتبه إليها القوم الذين يؤمنون إيمانا جازما أنهم وضعوا مصائرهم في أيد أمينة لن يهدأ لها بال إلا بعد أن يستقر بهم المطاف في جنات عدن خالدين فيها أبدا وكيف أنهم سيرون بأم أعينهم (منكري البخاري أعداء السنة والدين والإسلام والمسلمين من الرافضة في قعر جهنم وهو يقين لا يدانيه إلا يقينهم بأنهم سيرون ربهم يوم القيامة كالبدر لا يضامون في رؤيته)!!, وهي أن الفقه السني أي المذاهب الأربعة قد تأسس قبل أن تصدر الطبعة الأولى من أي من هذه (الصحاح) وأن البخاري قد مات وشبع موتا بعد آخر هؤلاء الفقهاء (الشافعي وأحمد بن حنبل) ومن ثم فقد أخذ هؤلاء الفقهاء رواياتهم من ذلك الوعاء السائد في تلك المرحلة مثلما أخذ الشيخ البخاري.
المعنى أن ظهور (كتب الحديث) تال على ظهور المذاهب الأربعة وليس سابقا لها وبالتالي فهي لم تكن وقتها مصدرا من مصادر التشريع الإسلامي يمكن وضعه جنبا إلى جنب مع كتاب الله أو لأن القوم (ربما!!) قرروا أخيرا أن يعيدوا فتح باب الاجتهاد ولذا فهم حريصون على توفير المادة الضرورية للقيام بهذه المهمة وهو ما لا يصدقه الواقع ولا نصدقه نحن!!.
لا نفهم حتى هذه اللحظة طبيعة المكانة التي قررها القوم لهذه الكتب خاصة وأنهم يعلنون التزامهم بالمذاهب الأربعة صباح مساء ولا يبغون عنها حولا ويرونها ركنا ركينا من أركان الدين والإيمان رغم خلوها المطلق من أي استناد لهذه الكتب المسماة بالصحاح.
المعنى أن هذه الكتب تشكل مصدرا موازيا للمذاهب الفقهية الأربعة ولم تكن يوما ما مصدرا لهذه المذاهب.
البخاري معصوم وكتابه مقدس!!
نلاحظ أيضا ظاهرة مثيرة للدهشة وهي أن كتاب البخاري بعد أن تحول إلى (كتاب مقدس) مشابه للقرآن أصبح الملجأ والملاذ الذي تستمطر به الرحمات وتدفع به البلايا وكيد الأعداء!!.
ففي سنة 748هـ نزل بمصر والشام وباء شديد تسبب في موت مئات الآلاف من البشر حيث يروي ابن تغري بردي في (النجوم الزاهرة): فقدم على قاضي القضاة تقي الدين السبكي قاضي دمشق رجل من جبال الروم وأخبر أنه لما وقع الوباء ببلاد الروم رأى في نومه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا إليه ما نزل بالناس من الفناء فأمره صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم‏:‏ اقرءوا سورة نوح ثلاثة آلاف وثلاثمائة وستين مرة واسألوا الله في رفع ما أنتم فيه فعرفهم ذلك فاجتمع الناس في المساجد وفعلوا ما ذكر لهم وتضرعوا إلى الله تعالى وتابوا إليه من ذنوبهم وذبحوا أبقارًا وأغنامًا كثيرة للفقراء مدة سبعة أيام والفناء يتناقص كل يوم حتى زال‏.‏ فلما سمع القاضي والنائب ذلك نودي بدمشق باجتماع الناس بالجامع الأموي فصاروا به جمعًا كبيرًا وقرءوا ‏"‏صحيح البخاري‏"‏ في ثلاثة أيام وثلاث ليال‏.‏ وفي شعبان تزايد الوباء بديار مصر وعظم في شهر رمضان وقد دخل فصل الشتاء فرسم بالاجتماع في الجوامع للدعاء‏.‏ وفي يوم الجمعة سادس شهر رمضان نودي أن يجتمع الناس بالصناجق الخليفتية والمصاحف عند قبة النصر خارج القاهرة فاجتمع الناس بعامة جوامع مصر والقاهرة وخرج المصريون إلى مصلى خولان بالقرافة واستمر قراءة البخاري بالجامع الأزهر وغيره عدة أيام والناس يدعون إلى الله تعالى ويقنتون في صلواتهم‏.‏
أما الجبرتي فيروي في تاريخه (عجائب الآثار) كيف أن البخاري (الكتاب وليس الرجل)!! كان الملجأ والملاذ في مواجهة الغزو الفرنسي لمصر سنة 1798 م الموافق لسنة 1213 هـ حيث يقول: (وفي يوم الجمعة 29 من محرم التقى[1] العسكر المصري مع الفرنسيس فلم تكن إلا ساعة وانهزم مراد بك ومن معه ولم يقع قتال صحيح وإنما هي مناوشة من طلائع العسكرين بحيث لم يقتل إلا القليل من الفريقين واحترقت مراكب مراد بك بما فيها من الجبخانة والآلات الحربية والمحاربين وتطايروا في الهواء فلما عاين ذلك مراد بك داخله الرعب وولى منهزمًا ووصلت الأخبار بذلك إلى مصر فاشتد انزعاج الناس وركب إبراهيم بك إلى ساحل بولاق وحضر الباشا والعلماء ورؤوس الناس فاتفق رأيهم على عمل متاريس من بولاق إلى شبرا ويتولى الإقامة ببولاق إبراهيم بك ومماليكه وقد كانت العلماء عند توجه مراد بك تجتمع بالأزهر كل يوم ويقرءون البخاري وغيره من الدعوات وكذلك مشايخ فقراء الأحمدية والرفاعية والبراهمة والقادرية والسعدية وغيرهم من الطوائف ويعملون لهم مجالس بالأزهر وكذلك أطفال المكاتب ويذكرون الاسم اللطيف وغير من وفي يوم الاثنين حضر مراد بك إلى بر انبابة وشرع في عمل متاريس هناك ممتدة إلى بشتيل......).
أذكر قبل فترة أن شاهدت في التلفاز رئيسا سابقا لجامعة الأزهر يشيد بالبخاري ويثني على قادة الأسطول التركي الذين كانوا يخصصون قارئا للكتاب (!!) في كل سفينة من سفن الأسطول.
الصراع الدائر إذا حول صحة البخاري المطلقة والجهد الأسطوري المزعوم الذي بذله الرجل في تمحيص الأسانيد في جانب منها هي طنطنة فارغة ولا معنى لها لأن أحدا من فقهاء المذاهب لم يستند إلى هذه الكتب في تصحيح مذهبه بل اعتمد ما صح عنده من روايات ولا شك أن هذا الاعتماد والاستناد كان انعكاسا للمناخ الفكري والسياسي السائد في هذا العصر.
الجانب الآخر من المعركة يتعلق بفقهاء الصدفة وخطباء المنابر الندابين الذين ملئوا الساحة ضجيجا وعجيجا ملأ للفراغ وكسرا لحالة الصمت التي كان المسلمون سيعانون منها لو لم يجد هؤلاء الخطباء ما يقولونه أثناء الفترة المقررة للخطبة أو للدرس ولا بد من قطع هذه المدة بآية أو آيتين أو رواية أو روايتين وحبذا وألف حبذا لو قال الخطيب (جاء في الصحيح) فيطمئن جمهور السميعة بأن كل شيء على ما يرام وأن الخطيب لا يأتي بشيء من عنده وطبعا ليس هذا هو حال كل الخطباء.
فالبعض يمارس مهمته (سماعي) فينقل ما سمعه عن آبائه الأولين مثل قصة (ساق عروة بن الزبير) و(تفاحة والد أبي حنيفة النعمان) والمهم هو استحسان المتابعين لدراما يوم الجمعة!!.
أما فقهاء الصدفة من أمثال مفتي رضاع الكبير الذي وقع في شر أعماله عندما أطلق هذه الفتوى اعتمادا على ورودها في (كتب الصحاح) فكان أن طرد من وظيفته لأنه لم يكن يعرف أن أحدا من الفقهاء الأربعة لم يعتمد على الشيخ البخاري ولا الشيخ مسلم بن الحجاج فيما قدمه للناس من فقه وأحكام!!.
ولأن الجاهل عدو نفسه فقد ضاع الرجل ولم يدافع عنه أحد ولا حتى الرئيس السابق لجامعة الأزهر فالبخاري يصلح فقط لمحاربة الفرنسيين (وعنقلة اللصوص) لكن لا يمكن استخراج الأحكام الفقهية منه بصورته الراهنة مهما قيل عن قداسته!!.
(الصحاح) بين التكذيب المطلق والتصحيح المطلق
يحتاج كل من يناقش هذه القضية لأن يوضح موقفه من هذا التراث الضخم منذ البدء حتى لا يقال أن فلانا يقول بالتكذيب المطلق لهذه الكتب ثم يتدحرج الاتهام ليصبح إنكارا للسنة النبوية المشرفة حسب زعم من يؤمنون بقداسة البخاري (قاهر الفرنسيس) والملجأ والمفزع في الملمات ويترتب على ذلك أن منكر البخاري منكر للسنة النبوية ومنكر السنة كافر إلى آخر هذا الهراء الذي احترفه شيوخ الجمود والتحجر المسئولون عن أغلب مصائب هذه الأمة وأحد أهم أسباب تخلفها ووقوعها في براثن اللصوص والإنجليز والفرنسيس وأمريكا وإسرائيل والديكتاتورية والإرهاب.
إنه الثالوث المشئوم: الإرهاب والتبعية للغرب والديكتاتورية التي أنتجها رموز التخلف وتجميد العقل باسم الدين والدين منهم ومن جمودهم براء.
نحن لا نقول بالتكذيب المطلق لهذا التراث ولكننا نؤمن بما قاله الإمام علي بن أبي طالب وهو ما سنستعرضه بعد برهة وجيزة في هذا الكتاب.
القضية الكبرى أن القوم قد وضعوا مجموعة من الضوابط والأسس التي لم يلتزموا بها للحظة واحدة فكانوا كمن سبقهم من الأمم الذين يقولون ما لا يفعلون.
يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ)[2].
أما لماذا نناقش نحن هذه القضية رغم أننا ممن يؤمنون بمدرسة أهل البيت وفقههم ومنهجهم وأن في هذا الفقه والمنهج غنى عن تسول العلم والفقه والمعرفة على طريقة الباعة الجائلين كما سنوضح في هذا البحث؟!.
السبب في ذلك هو الرغبة في إزالة هذه الغشاوة التي وضعها تجار الدين القدامى والمحدثون على أعين جمهورهم المضلل ليتمكنوا من سوقهم حيث شاءوا وكيفما شاءوا وشاء لهم الهوى السلطوي أو التطلع الخوراجي المهلك والمضل!!.

2شارك برأيك

  1. هذا ليس بحديث من يبحث عن الصحة والخطأ او يحلل ما هو واقع امامه ولكنه خطاب باحث عن الجدال ، مقدمة مخزية لمسمى دكتور اتى للتهجم بحالة اغماءة غباء ، بحث عن اللاشيء سوى اثبات ان الكاتب لا يملك القدرة على التحليل المنطقي واظن ان حتى رسالة الدكتوراه بها ما بها، استرح وريح فوالله ما جلب الفتن للامة الا امثالكم وما لامست مدينة رسول الله الألم والشقاء الا عند دخولكم ايها يا منشأ الفسق ومولد الكذب والنفاق ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. مسكين هذاالكاتب فأنا أناشده أن يقرأ كتاب الأستاذ الدكتوب محمد مصطفى الأعظمي دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه وكتاب أ.د. محمد عمارة , افتراء شيعية على البخاري و مسلم. هداه الله و هداناأجمعين

شارك برأيك

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

TvQuran
,