اخوان على باب الله


بقلم أحمد الدسوقي
يسعي‮ ‬محمد بديع مرشد جماعة الاخوان المسلمين لتهدئة خواطر الحكومة وحزبها،‮ ‬والميل الي‮ ‬التهدئة ومسح آثار الهجوم الضاري‮ ‬الذي‮ ‬شنه المرشد السابق محمد مهدي‮ ‬عاكف‮.
والمتابع لتحركات ومواقف المرشد الجديد‮ ‬يكتشف انه‮ ‬يتبع مبدأ‮ »‬التقية‮« ‬أي‮ ‬الكذب اذا استدعت الضرورة مع الكفارة فيما بعد بزعم ان ذلك لمصلحة الجماعة ومن ثم لمصلحة المجتمع‮.‬
وبديع‮ ‬ينتمي‮ ‬الي‮ ‬جيل المتطرفين الذين قادوا الاخوان الي‮ ‬مواجهات خاسرة مع الدولة من زمن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر‮.. ‬الدولة كانت تبني‮ ‬مدارس ومستشفيات ومسارح ومصانع وتستصلح أراضي‮ ‬صحراوية بينما انشغل الاخوان بتأليب الرأي‮ ‬العام علي‮ ‬الحكم والحكومة والزعم بأنه نظام لايعمل لخدمة الوطن‮.
واكتشف المصريون زيف وادعاءات الاخوان لانهم تأكدوا من صدق ناصر ورغبته الاكيدة في‮ ‬التحرر وبناء الدولة في‮ ‬ظل سياسة عدم الانحياز لطرف دولي‮ ‬دون آخر،‮ ‬وفي‮ ‬ظل رفض للأحلاف السياسية والعسكرية‮.. ‬تمكنت الجمهورية الفتية التي‮ ‬قادها جمال عبدالناصر من الوجود علي‮ ‬الساحة الدولية والاقليمية‮.. ‬وتاه الاخوان وذابت حركاتهم وتنظيماتهم وسط ملايين العمال والفلاحين الذين انشغلوا بالبناء والانتاج وتركوا فتاوي‮ ‬التكفير لاصحابها‮.
وفي‮ ‬منتصف السبعينيات خرجت الجماعة من جحورها واستعادت نشاطها بمساعدة الرئيس السادات الذي‮ ‬اراد ان‮ ‬يتخلص نهائياً‮ ‬من ضغوط الناصريين عليه لكن الخطر‮ ‬يأتي‮ ‬من مأمنه‮.. ‬ولو كان السادات‮ ‬يدرك ان تلاميذ سيد قطب سوف‮ ‬يقتلونه‮ ‬يوم ‮٦ ‬أكتوبر ‮١٨٩١ ‬لما ساعد الاخوان ولما اتفق مع عمر التلمساني‮ ‬علي‮ ‬ضرب اليسار والتيار الناصري‮.
وبعد وفاة السادات وسط جنوده ظن الاخوان أنهم اقرب الي‮ ‬السلطة وبدأوا في‮ ‬استعراض العضلات وفيما‮ ‬يبدو انهم فهموا تسامح الرئىس مبارك وايمانه بالديمقراطية علي‮ ‬انه تسليم بقوتهم وظلوا ثلاث سنوات حائرين في‮ ‬التعامل مع الرئيس الجديد ثم اكتشفوا انهم لن‮ ‬يفرضوا رأيا ولن‮ ‬يكون لهم شأن الا من خلال الانتخابات فتحالفوا مع حزب الوفد عام ‮٤٨٩١ ‬ونجح بعضهم فى دخول مجلس الشعب ثم دخلوا في‮ ‬تحالف ثلاثي‮ ‬مع حزب العمل الاشتراكي‮ ‬وحزب الاحرار الاشتراكين عام ‮٧٨٩١ ‬وحققوا نجاحا ايضا لكن قوتهم ظلت محصورة في‮ ‬عدد من نواب الشعب‮.
وانحصرت اللعبة في‮ ‬الانتخابات البرلمانية والنقابية مع التوسع في‮ ‬انشاء جمعيات خيرية ومستوصفات طبية ومدارس خاصة‮.
واستمر الخطاب السياسي‮ ‬المتلون بمسوح دينية‮ ‬يتحدث عن فساد واهدار للمال العام،‮ ‬والسباحة مع التيار الرافض للفساد‮.
وتكتشف الجماعة مجددا انها تاهت وسط الاحزاب الشرعية والجماعات الاحتجاجية الجديدة فحاولت ركوبها والظهور امام الرأي‮ ‬العام بأنها الداعم الاول والاخير لحركة كفاية و‮٦‬إبريل ومهندسون ضد الحراسة وغيرها الا ان مواقف الجماعة الاخيرة كشفت زيف ادعائها‮.
قبل أربعة أيام فقط حاولت الجماعة ممارسة هوايتها بإماسك العصا من المنتصف‮.. ‬في‮ ‬الصباح أعلن مرشد الاخوان انهم مع الدكتور محمد البرادعي‮ ‬ويتفهمون مواقفه ويؤيدون مطالبه بالاصلاح السياسي‮ ‬وفي‮ ‬المساء‮ ‬يعلن المرشد ان مبارك هو والد كل المصريين وانه وجماعته‮ ‬يقدرون الرئيس ويعرفون جهوده من اجل مصر‮.
هذه هي‮ ‬جماعة الاخوان منذ بدايتها‮.. ‬تتلون حسب درجة الحرارة وتقرأ الاحداث علي‮ ‬طريقتها وتلوي‮ ‬عنق الحقيقة وتمارس العنف والارهاب اذا شعرت بضعف النظام‮.
ولأن الجماعة تشعر هذه الايام بضعف شديد وهزال حقيقي‮ ‬فانها تفتح الابواب وتحاول مد جسور الصداقة مع الجميع بداية من رئاسة الجمهورية ونهاية بالأحزاب الورقية ومروراً‮ ‬بالبرادعي‮.. ‬وهي‮ ‬في‮ ‬كل ذلك تنسي‮ ‬الشارع وتتجاهل الناس‮.
وسوف تجني‮ ‬الجماعة ثماراً‮ ‬مريرة في‮ ‬الانتخابات القادمة بعد الاداء السييء لنوابها الذين برعوا في‮ ‬فنون التحريض فقط لكنهم لم‮ ‬يقدموا حلولا للمشاكل التي‮ ‬يعاني‮ ‬منها الناس‮.. ‬نحن وغيرنا نعرف ان الفساد‮ ‬يضرب بعنف في‮ ‬جميع المجالات واذا اردنا اصلاحا علينا ان نقدم برامج وحلولا لمكافحة الفساد ولا نكتفي‮ ‬بالصراخ وتشخيص المرض وكأننا نقول للناس ان وظيفتا التهييج والتحريض‮.
وعلي‮ ‬جماعة الاخوان ان تدرك ان الرأى العام الذي‮ ‬كان‮ ‬يتأثر بالخطب المنبرية التي‮ ‬تكفر الحكام لم‮ ‬يعد هو نفسه الرأي‮ ‬العام‮.. ‬عليكم اذا اردتم الاصلاح ان تصلحوا انفسكم وان تعتذروا للناس عن جرائمكم في‮ ‬حق الشعب وان تعترفوا صراحة بإرهابكم ضد جمال عبدالناصر وان تعترفوا ايضا برفض الدولة الدينية واحتكار الكلام باسم الاسلام وان تقبلوا بالدولة المدنية وبحقوق المواطنة وان تكون الشوري‮ ‬هي‮ ‬المبدأ الاساسي‮ ‬في‮ ‬اتخاذ القرارات‮.. ‬ساعتها سوف تجدون آذانا صاغية وقلوبا متعاطفة مع مطالبكم سواء بإنشاء حزب سياسي‮ ‬أو بجماعة دعوية ذات اهداف دينية‮.. ‬اما اللعب علي‮ ‬كل الحبال مرة واحدة فإنها لعبة ستنتهي‮ ‬بالسقوط لا محالة‮.. ‬لا‮ ‬يمكن ان تكون مع النظام والمعارضة في‮ ‬نفس الوقت وتطالب بحزب مدني‮ ‬وجماعة دينية ايضا ولايجوز ان تدعي‮ ‬التسامح وأنتم ترفضون الاصلاحيين داخل مكتب الارشاد‮.
ولن تفلح محاولات الجماعة في‮ ‬تطويع الاحزاب الشرعية والاستيلاء عليها بزعم اجراء حوارات وتحالفات معها او اخلاء بعض الدوائر الانتخابية لها لأن الجماعة مضروبة في‮ ‬الشارع بفضل فشل نوابها في‮ ‬التواصل مع الناس والاكتفاء بحفلات الوعظ الكاذب من ناحية والتحريض الفاشل من ناحية اخري‮.
والمشكلة في‮ ‬ظني‮ ‬ذهاب بعض الاخوان الي‮ ‬تفسير سياسة بديع علي‮ ‬انها ممارسة للقوة الناعمة بنفاق الحكومة وبحوار مع الاحزاب التي‮ ‬توصف بأنها خصوم تقليديون للجماعة‮.. ‬فالتجمع‮ ‬يعادي‮ ‬فكر الاخوان علي‮ ‬طول الخط،‮ ‬والحزب الناصري‮ ‬يرفض محاولات الجماعة تذويب التيار النصاري‮ ‬وتفتيته في‮ ‬الشارع مقابل الاتفاق علي‮ ‬دعم عدد من المرشحين في‮ ‬انتخابات مجلس الشعب‮ ‬القادمة‮.
وفي‮ ‬تقديري‮ ‬ان ما‮ ‬يحدث حاليا‮ ‬يدخل في‮ ‬اطار الفشل الخامس للجماعة بعد ان فشل المؤسس الامام الشهيد حسن البنا في‮ ‬الاستيلاء علي‮ ‬الحكم عام ‮٨٤٩١ ‬ثم فشل حسن الهضيبي‮ ‬في‮ ‬الانخراط مع انجازات الثورة وفشل التلمساني‮ ‬في‮ ‬الاستفادة من الرئيس السادات ومساعدته للاخوان ثم فشل مهدي‮ ‬عاكف في‮ ‬الاندماج الصريح والعلني‮ ‬مع المجتمع المدني‮ ‬واصراره علي‮ ‬التمايز ومحاولة فرض العضلات والظهور وكأنه الأقوي‮ ‬علي‮ ‬الساحة‮.
تم نشر المقال بجريدة الاحرار

1اكتب رأيك

شارك برأيك

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

TvQuran
,