بقلم / مدحت بشاي
نعم
،
نقدر مطالبة قداسة البابا شنودة الأقباط بالتصويت في الانتخابات البرلمانية
،وتأكيده خلال عظته الأسبوعية الأخيرة " إن
التصويت حق وطنى، ومن حق وطنك عليك أن تقدم له ما هو نافع ، وصوتك سيكون نافعا فى
اختيار النواب الجيدين الجادين لخدمة الوطن"، ورده على سؤال حول رأيه فى
الامتناع عن التصويت فى الانتخابات المقبلة حزنا على شهداء ماسبيرو قال "إن
الامتناع عن التصويت لن يفيد شيئا، والحزن لا يعنى التخلى عن الواجب الوطنى، يجب
على الجميع أن يشارك فى الانتخابات ، لكى تثبتوا وجودكم الوطنى..وتابع البابا
قائلا: " إن امتناعكم سيكون مثل جثة مهملة ولا يحترمها أحد ، وأريد منكم فيمن
تعطون صوتكم فى الانتخابات أن تختاروا من يهتم بكم ومن قلبه معكم ، لا أقصد
المرشحين الأقباط فقط ، بل يهمنى أن تنتخبوا المسلم
وأضاف فى ذهنى كثير من الإخوة
المسلمين المحبين الذين يهتمون بكم أكثر منكم ، وأتذكر عبارة جميلة من بعضهم يقول
فيها لا ندافع عن مطالب الأقباط ، نحن ندافع عن حقوق الأقباط ، وكلمة حقوق لا
تحتاج المناقشة ، وتأكيده "يجب الذهاب للتصويت ، وإذا رفض القائمون على
الإشراف أو منعكم أحد من التصويت قولوا له ، سنرفع ضدك قضية ، قولوا متخفوش وخليكم
رجاله" ، ولكن ما كان ينبغي أبداً توجيه قداسته للأساقفة والكهنة بعدم
الاكتفاء بإقامة الشعائر الدينية ، وأن لديهم واجب وطني يجب أن يلعبوه ، ورغم
تأكدي أن المقصود من التوجيه هو دفع الناس للمشاركة السياسية ، فإن فتح الباب
بتوجيه روحي من رأس الكنيسة من شأنه دعم هواة العمل السياسي التزيد في هذا الاتجاه
، وكنت لا أود أيضاً النصح بانتخاب من يحب الأقباط ، فما جدوى انتخاب نائب كل
مؤهلاته محبته الأقباط ؟!!...ولعلم قداستكم الجميع يحب الأقباط ويتودد إليهم في
زمن الانتخابات أيما حب ، فلا تصعبها عليهم سيدي !!
قبل تصريحات قداسة البابا بأيام قليلة
، أدرك كاهن كنيسة المقطم أن الظرف التاريخي الذي تعيشه البلاد تحتاج إلى حالة من
التوحد والالتئام ، ينبغي أن تبدأ بتجاوز الفكر المذهبي الضيق ، فكانت دعوته
العبقرية لأخوته من الكنيسة الإنجيلية والكاثوليكية للصلاة معا من أجل مصر مساء
الجمعة 11/11/2011 من السادسة مساءً وحتى السادسة من صباح اليوم التالي ، واتفق
الجميع أنه لاصراع بين أتباع الديانات ، لا خلافات مذهبية تمنعننا من التوجه معاً
بقلب مصري واحد ، وكانت الاستجابة رائعة في ليلة أطلقوا عليها " ليلة الصلاة
والرجوع إلى الله " ، باحتشاد الآلاف على توجه مصري حضاري بديع ..
وإذا كانت مسيرة تأبين الشهداء في
ذكرى أربعين رحيلهم قد جمعت آلاف المسيحيين بشكل سلمي ترفض التحزب على أساس الهوية
الدينية ، حتى نصنع معاً تجربة انتخابية نزيهة ، يفرض فيها شعبنا العظيم إرادته
بإذن الله في الشارع المصري ، فقد كانت ليلة الصلاة الجماعية في كنيسة المقطم هي
الأروع في المعنى والدلالة والتأثير على الذهنية الجمعية المصرية ..
الغريب أن الجماهير التي صرخت حزناً
على رحيل الشهداء على أبواب الكاتدرائية في بداية مسيرة التأبين الرائعة هي هي
التي استقبلت في اليوم التالي قداسة البابا بالزغاريد والفرحة العارمة ، ولا تعليق
سوى سحر الاتباع الخرافي لرجال الدين !!
على القوى السياسية والائتلافات
الشبابية ، أن تخوض معركة كبيرة في انتخابات مجلس الشعب القادمة لضمان دعم أكبر
عدد من المؤمنين بالدولة المدنية وحلم تشكيل برلمان يضم كل ألوان الطيف السياسي ، وعبر رصد أي انتهاكات للقوانين المنظمة
للانتخابات ، لا لانطلاق الدعاية الانتخابية من المساجد والكنائس ، أو اعتلاء
منابرها المرشحون واتباعهم ..
