زكاة الرِّكَازِ ..فريضة مسكوت عنها لمصلحة الملوك والسلاطين

زكاة الرِّكَازِ ..فريضة مسكوت عنها لمصلحة الملوك والسلاطين
جند فقهاء السلاطين وخدم البلاط انفسهم لايهام الناس بان الزكاة المفروضة على المسلمين هى زكاة المال الذى حال عليه الحول وزكاة الفطر التى تجب على كل مسلم حتى لو كان شحاذا لا يجد ما يسد رمقه.
وتجاهل تجار الدين زكاة الركاز التى تعنى الثروات التى تخرج من باطن الارض مثل البترول والحديد والنحاس والذهب والفضة وغيرها ، ولن تجد فى فتاوى فقهاء السلاطين تجار الدين حديثا عن نصيب الناس من الثروات التى تهيمن عليها الاسر الحاكمة والحكومات ..وابتكر تجار الدين فقها كاذبا يدعى ان الركاز مقصود بها الكنوز التى تركها اهل الجاهلية مدفونة فى الارض مثل خنجر من الذهب او درع من حديد .

وفى مقال رائع للدكتور احمد صبحى منصور يكشف الحقيقة للمسلمين وللباحثين عن الدين الصحيح .
( الركاز) هو ما يوجد دفينا في الأرض من المعادن وعناصر الطاقة التي خلقها الله تعالى في باطن الأرض من الذهب والحديد والفحم والبترول، أو مما أخفاه الإنسان مثل الكنوز. وعن زكاته وضعوا حديثا يقول: ” في الرِكَازِ الخُمْسُ “. وأنا أضع حديثا عن نفسى أقول فيه: ” أين زكاة النفط يا حرامية..”!!
أولا: هجص فقه الركاز فى الدين السّنى
1- يقول القاضي أبو يوسف في كتابه ” الخراج ” ” في كل ما أصيب من المعادن من قليل أو كثير الخمس”. ويعتبر أبو يوسف ذلك الخمس من الركاز ضمن الغنائم، وليس من باب الزكاة. ولا يؤخذ الخمس من التراب أو ملحقات المعدن المكتشف وإنما من المعدن الخالص فحسب، وجعل المعادن التي يؤخذ منها الخمس هي الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص.وما عداها فلا يؤخذ منها الخمس في رأي أبي يوسف لأنه يعتبرها بمنزلة الطين والتراب، ويرى أن من عثر على كنز لا يملكه أحد ووجد فيه ذهبا أو جوهر أو ثيابا فله أربعة أخماس ذلك الكنز والخمس الباقي للدولة.
2 ـ والاختلافات الفقهية كثيرة ـ كالعادة ــ بين أئمة السنيين فى زكاة الركاز، والتركيز فيها على الكنوز التى يُعثر عليها، وأن تكون من الذهب والفضة والمعادن المعروفة على إختلاف بينهم فى تحديدها، والخلط بينها وبين اللُقطة: أى ما يعثر عليه دون معرفة صاحبه. ولم يكن معروفا وقتها معظم المعادن المعروفة الآن، ولم يكن معروفا الفحم والبترول.
3 ــ وللترفيه على القارىء نستشهد ببعض ما قالوا:
3 / 1: في صحيح البخاري: بَاب فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ: وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ الرِّكَازُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْخُمُسُ وَلَيْسَ الْمَعْدِنُ بِرِكَازٍ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَعْدِنِ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ الْمَعَادِنِ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً وَقَالَ الْحَسَنُ مَا كَانَ مِنْ رِكَازٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَفِيهِ الْخُمُسُ وَمَا كَانَ مِنْ أَرْضِ السِّلْمِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ وَجَدْتَ اللُّقَطَةَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَعَرِّفْهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْعَدُوِّ فَفِيهَا الْخُمُسُ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ الْمَعْدِنُ رِكَازٌ مِثْلُ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ لِأَنَّهُ يُقَالُ أَرْكَزَ الْمَعْدِنُ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ قِيلَ لَهُ قَدْ يُقَالُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ أَوْ رَبِحَ رِبْحًا كَثِيرًا أَوْ كَثُرَ ثَمَرُهُ أَرْكَزْتَ ثُمَّ نَاقَضَ وَقَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتُمَهُ فَلَا يُؤَدِّيَ الْخُمُسَ ) فتح الباري ج 3 / ص 444)
3 / 2: عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( العجماء جبار و البئر جبار و المعدن جبار و في الركاز الخمس )) رواه الجماعة. قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْعَجْمَاء جُرْحهَا جُبَار وَالْبِئْر جُبَار وَالْمَعْدِن جُبَار وَفِي الرِّكَاز الْخُمُس ). الْعَجْمَاء بِالْمَدِّ هِيَ: كُلّ الْحَيَوَان سِوَى الْآدَمِيّ، وَسُمِّيَتْ الْبَهِيمَة عَجْمَاء ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّم. وَالْجُبَار – بِضَمِّ الْجِيم وَتَخْفِيف الْبَاء – الْهَدَر. فَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْعَجْمَاء جُرْحهَا جُبَار ) فَمَحْمُول عَلَى مَا إِذَا أَتْلَفَتْ شَيْئًا بِالنَّهَارِ أَوْ بِاللَّيْلِ بِغَيْرِ تَفْرِيط مِنْ مَالِكهَا، أَوْ أَتْلَفَتْ شَيْئًا وَلَيْسَ مَعَهَا أَحَد فَهَذَا مَضْمُون وَهُوَ مُرَاد الْحَدِيث، فَأَمَّا إِذَا كَانَ مَعَهَا سَائِق أَوْ قَائِد أَوْ رَاكِب فَأَتْلَفَتْ بِيَدِهَا أَوْ بِرِجْلِهَا أَوْ فَمهَا وَنَحْوه، وَجَبَ ضَمَانه فِي مَال الَّذِي هُوَ مَعَهَا، سَوَاء كَانَ مَالِكًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا أَوْ غَاصِبًا أَوْ مُودَعًا أَوْ وَكِيلًا أَوْ غَيْره، إِلَّا أَنْ تُتْلِف آدَمِيًّا فَتَجِب دِيَته عَلَى عَاقِلَة الَّذِي مَعَهَا، وَالْكَفَّارَة فِي مَاله، وَالْمُرَاد بِجُرْحِ الْعَجْمَاء إِتْلَافهَا، سَوَاء كَانَ بِجُرْحٍ أَوْ غَيْره، قَالَ الْقَاضِي: أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ جِنَايَة الْبَهَائِم بِالنَّهَارِ لَا ضَمَان فِيهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَد، فَإِنْ كَانَ مَعَهَا رَاكِب أَوْ سَائِق أَوْ قَائِد فَجُمْهُور الْعُلَمَاء عَلَى ضَمَان مَا أَتْلَفَتْهُ، وَقَالَ دَاوُدُ وَأَهْل الظَّاهِر: لَا ضَمَان بِكُلِّ حَال إِلَّا أَنْ يَحْمِلهَا الَّذِي هُوَ مَعَهَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَقْصِدهُ، وَجُمْهُورهمْ عَلَى أَنَّ الضَّارِيَة مِنْ الدَّوَابّ كَغَيْرِهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَقَالَ مَالِك وَأَصْحَابه: يَضْمَن مَالِكهَا مَا أَتْلَفَتْ، وَكَذَا قَالَ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ: يَضْمَن إِذَا كَانَتْ مَعْرُوفَة بِالْإِفْسَادِ ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ رَبْطهَا وَالْحَالَة هَذِهِ. وَأَمَّا إِذَا أَتْلَفَتْ لَيْلًا فَقَالَ مَالِك: يَضْمَن صَاحِبهَا مَا أَتْلَفَتْهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه: يَضْمَن إِنْ فَرَّطَ فِي حِفْظهَا، وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: لَا ضَمَان فِيمَا أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِم لَا فِي لَيْل وَلَا فِي نَهَار، وَجُمْهُورهمْ عَلَى أَنَّهُ لَا ضَمَان فِيمَا رَعَتْهُ نَهَارًا، وَقَالَ اللَّيْث وَسَحْنُون: يَضْمَن.)…الخ. (حدثا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد ابن المسيب و عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسام قال ((العجماء جبار و البئر جبار و المعدن جبار و في الركاز الخمس )) البخاري رقم 499)
4 ـ وكالعادة إقتصر فقهاء السلفية على الرقص على أنغام السابقين بالشرح والتلخيص والتفصيل والتهجيص، ونعرض لأقوال بعضهم ـ أيضا ـ للترفيه عن القارىء:
4 / 1: قال الشيخ البسام في شرح بلوغ المرام: ( الركاز هو ما وجد من الجاهلية، وهم من كانوا قبل الإسلام، أو ما وجد من دفن من تقدم من كفار و إن لم يكونوا في الجاهلية، بأن كان عليه أو على بعضه علامة كفر كأسمائم و أسماء ملوكهم أو صورهم أو صور أصنامهم، و كذا يملكه واجده و إن لم يكن عليه علامة كفار. و الركاز ملك لواجده، لأنه أحق به، و لفعل عمر و علي – رضي الله عنهما -، فإنهما دفعا باقي الركاز لواجده. و يخرج واجده خمسه، قال ابن عبد المنذر، لا نعلم أحدا خالف في ذالك، و لأنه حصل لصحابه بلا كلفة و لا مشقة، فكان الواجب فيه أكثر مما فيه كلفة. و ليس له نصاب فيزكي قليله و كثيره، و يخرج زكاته الإمام أو واجده. 

ووقت إخراج زكاته من حين العثور عليه، فلا ينتظر دوران الحول عليه. و يخرج زكاته منه و لو كان غير نقد بأن حديدا أو رصاصا أو غير ذالك، و يجوز إخرج زكاته من غيره. و تجب زكاته و لو كان واجده ذميا أو مستأمنا إذا كان بدار الإسلام.
ومصرفه يكون لمصالح المسلمين العامة، و لا يخص به الأقسام الثمانية و بهذا فزكاة الركاز أشبه شيئ بالفيء المطلق. فتجب على الكافر، و تجب في قليل المال و كثيره – و ليس له حول -، و يجب فيه الخمس و يخرج من نوعه و لو كان عرضا، و مصرفه مصرف الفيء لا يخص به الأصناف الثمانية.
إن وجد الركاز في أرض موات أو مشاعة أو أرض لا يعلم مالكها، أو على وجه الأرض التي لا يعلم مالكها، أو على طريق غير مسلوك أو قرية خربة فهو له في جميع هذه الصور و كذا إن علم مالك الأرض و كانت منتقلة إليه فله أيضا إن لم يدعه المالك، فإن ادعاه بلا بينة تشهد له و لا وصف يصفه فالركاز لمالك الأرض مع يمينه لأن يد مالك الركاز فرجح بها. و كذا لو ادعاه من انتقلت عنه الأرض. ) ( توضيح لأحكام من بلوغ المرام ص 138 – 139 / ج 2 ط دار الهيثم )
4 / 2: وفتوى ابن عثيمين فى الركاز: ( لغة: قطع ذهب وفضة أو معدن تخرج من الأرض، وقال أهل العراق: الركاز: المعادن كلها، وقال أهل الحجاز: الركاز: كنوز الجاهلية، فأما المعادن فليست بركاز. قال أبو عبيد: وهذان القولان تحتملهما اللغة، لأن كلا منهما مركوز فى الأرض أى ثابت، كما فى اللسان.
واصطلاحا: اختلف الفقهاء فى حقيقته، فجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة على أن الركاز هو ما وجد من دفن الجاهلية بأن توجد عليه آثارهم، أو يعثر عليه فى قبورهم أو مبانيهم، وعلى هذا يختلف الركاز عن المعدن الذى هو جزء من الأرض.بينما يذهب أبو حنيفة إلى أن الركاز يشمل ما وجد من دفن الجاهلية، أو ما استخرج من باطن الأرض من المعدن سواء كان جزءا منها، أو تكوّن فيها بفعل مؤثرات جيولوجية متنوعة، فيوجد على هيئة عروق ممتدة، فيقطع الجزء الخاص بالمعدن منها، ويصفى من خلال أجهزة معينة مما علق به من شوائب، ولا تخرج زكاته إلا بعد تصفيته، وقد أوجب فى الجميع الخُمس.بينما أوجب الجمهور فى الركاز، وهو ما وجد من دفن الجاهلية، الخمس لسهولة استخراجه وقلة تكاليفه خلافا للشافعى الذى أوجب فيه ربع العشر، وأوجبوا فى المعدن ربع العشر، نظرا لكثرة ما ينفق على استخراجه وتصفيته من تكاليف.أما ما وجدت عليه علامة أهل الإسلام، أو فى المبانى الإسلامية، أو فى طرق المسلمين المستعملة فى حركتهم وتنقلاتهم، فإنه ليس بكنز جاهلى ولا يعطى حكم الركاز بل هو لقطة يجب أن تُعَرَّف سنة إن كانت قيمته ذات بال، وإلا فهو لواجده، وقد ميَّز رسول الله e بين هذين النوعين بحديثه الشريف “ما كان فى طريق مأْتِىّ أو فى قرية عامرة فعرفها سنة فإن جاء صاحبها، وإلا فلك، وما لم يكن فى طريق مأْتِىّ ولا قرية عامرة، ففيه وفى الركاز الخمس” (رواه النسائى)(2). وهذا القدر الواجب إخراجه يجب على واجده أيا كان معتقده أو حاله، أى سواء كان مسلما أو ذميا، كان صغيرا أم كبيرا، عاقلا أو مجنونا. وهذا قول جمهور الفقهاء لعموم الحديث (وفى الركاز الخمس) خلافا للشافعى الذى أوجبه فقط على من تجب عليه الزكاة.على أن ما يخرج من القدر الواجب فى المعدن والركاز لا يشترط فيه مرور الحول بل يخرج كل منهما بمجرد ا لعثور عليهما، وإمكانية الانتفاع بهما.وما بقى من الركاز بعد القدر الواجب فهو لواجده من مسلم، أو ذمى، أو غيرهما، شأنه شأن الغنيمة، بخلاف المعدن، فإنه بعد إخراج زكاته يكون لصاحب الأرض التى وجد فيها، إذ هو جزء منها عند جمهور الفقهاء. وإن كان بعض العلماء يرى أنها ملك الدولة وإن كانت هى التى ملَّكت الأرض التى وجد بها المعدن أو الركاز لبعض الأفراد أو الهيئات ). انتهى النقل عن الهجص.
5 ــ لم يتطرق أئمة الوهابية الى موضوع النفط، وهو أهم مثال للركاز فى عصرنا، بل تجاهلوا أيضا كل المعروف فى عصرنا من المعادن ومصادر الطاقة كالفحم. ليس فقط عجزا عن الاجتهاد بل لسبب أكبر، وهو رهبتهم من آل سعود وأمثالهم فى الخليج. هم فقهاء مرتزقة صنعهم المستبد ليرقصوا فى مواكبه، وليفتروا له ما يشاء من فتاوى. وإذا خرجوا عن ( النّص ) فبئس المصير.
ثانيا: الرؤية القرآنية فى موضوع ( الركاز )
نبدأ بوضع القواعد القرآنية الأساس:
1 ـ كل الموارد الطبيعية هى ملك لرب العزة الخالق جل وعلا ـ ومنها الموارد الطبيعية المتجددة كالطاقة الشمس والأنهار والبحار، والموارد غير المتجددة كالمعادن ومصادر الطاقة المُختزنة فى الأرض كالفحم والبترول. والله جل وعلا جعل الانسان مُستخلفا فى الأرض ومستخلفا فى إستغلال مواردها، وهذا بلا تفضيل لشخص على آخر أو لأسرة على غيرها أو لجيل على جيل قادم. يقول جل وعلا عن موارد الأرض منذ خلق الأرض: (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) فصلت ). فهى ( سواء ) أى مطروحة بالمساواة والتساوى للجميع، ليس للقاعدين الكسالى، ولكن ( للسائلين ) الساعين نحو إستغلال تلك الموارد. أى هى المساواة مع تكافؤ الفرص.
وعن أن المال هو ملك لرب العزة ونحن فيه ( مُستخلفون ) يقول رب العزة جل وعلا: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) الحديد ).
2 ـ وحيث يكون هناك مجتمع فيه دولة إسلامية، فإن هذا المجتمع بدولته الاسلامية هى التى تملك الثروة فى أرضها، وهى المستخلفة عن ربها فى هذه الملكية، ورعايتها، وهذه الملكية تنتقل للأفراد طالما أحسنوا التصرف، فإذا كانوا سفهاء فعلى الدولة الاسلامية مُمثلة فى أجهزتها المختصة أن تحجر على هذا السفيه، وتستثمر له ماله، وتعطيه ما يكفيه من عائد هذا الاستثمار.
3 ــ وفى جريدة ( الأهالى ) وبتاريخ 6 يناير عام 1999، وفى الصفحة الرمضانية، وتحت عنوان: ( قراءة في القرآن الذي هجرناه: الثروة ملك للمجتمع: ) وعن قوله جل وعلا: ( ولاتؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما ” (النساء:5) قلت: ( يفهم الفقهاء من هذه الآية الكريمة الحكم الشرعي الذي يخص التعامل مع اليتيم إذا كان سفيها، وحينئذ يحكم بالحجر عليه، وهو ما يزال معمولا به حتي الآن في القانون. ولم يفهم فقهاء العصور الوسطي الحكم الشرعي السياسي في الآية، وحتى لو فهم بعضهم فلم يكن ليجرؤ علي التصريح بهذا، حيث كانوا يعيشون في ظل خليفة يعتقد أنه يملك الأرض ومن عليها، وأنه يمتلك ثروة المجتمع يمنح منها ويمنع. وهذا ما تطفح به سيرة الخلفاء الأمويين والعباسيين والفاطميين والعثمانيين، تلك السيرة غير العطرة التي تداعب أحلام الدعاة لإقامة الدولة الدينية في عصرنا البائس. إن الآية الكريمة تؤكد في صراحة أن الشعب هو الذي يملك ثروته، وقد فوض الله الشعب ـ أو الأمةـ القيام على تلك الثروة ورعايتها، وللفرد حق تملك هذه الثروة بالوراثة عن والديه وأقاربه إذا أحسن القيام على تنمية الثروة، فإذا كان سفيها لا يحسن القيام على ثروته التي ورثها فإن المجتمع هو الذي يحجر عليه ويستثمر هذه الثروة لصالحه في مقابل أن يعطيه كفايته من ريع هذه الثروة.
والمعني السياسي للآية أن الشعب هو الحارس علي ثروته التي خول الله له القيام عليها وتنميتها، ومن واجب هذا الشعب ألا يسمح لحاكم بأن يسيء استغلال هذه الثروة حسب هواه ومطامعه، فإذا كان ممنوعا علي الفرد أن يسيء استغلال ما ورثه أو أن يكون سفيها في إنفاقها وإدارتها، فمن الأولي يكون ممنوعا علي فرد واحد أن ينفرد باستغلال ثروة الأمة أو أن يتصرف فيها في سفاهة.. عندها يكون هذا المجتمع قد خالف أمر الله تعالي حين أعطي السفهاء أموال الأمة التي أوكلها الله لذلك المجتمع.
وتجارب التاريخ تثبت أن الظلم في ممارسة السلطة واحتكار الثروة يؤدي إلي اشتعال الثورة وسفك الدماء، والأمثلة كثيرة من قتل عثمان إلي ثورات الخوارج والزنج والقرامطة إلي ثورات العصر الحديث في الثورات الفرنسية والشيوعية والانتفاضات الشعبية العربية من أجل الخبز.ومن هنا لابد من الرجوع إلي المبدأ الأصلي وهو ملكية الأمة لثروتها وقيام الحكومة علي إدارتها علي أساس العدل والنزاهة والشفافية والمحاسبة، بحيث يحاسب الشعب المسئولين، وينال كل مجتهد نصيبه في سعيه لتنمية ثروته بالجهد وبالعرق الشريف، وينال كل عاجز حقه من الرعاية، وأن يتم التوازن بين العدل والحرية بعيدا عن أحلام الطامعين في استرجاع حكم الخلفاء الجائرين.)

شارك برأيك

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

TvQuran
,