أمهات المؤمنين ...ثالثا السيدة عائشة رضى الله عنها (الجزء الاخير)

 أمهات المؤمنين ...ثالثا السيدة عائشة رضى الله عنها (الجزء الاخير)

مرت الأيام سريعة ، وحانت لحظة الفراق ، فلقد مرض الرسول صلى الله عليه وسلم واشتد عليه المرض و كان عليه الصلاة والسلام في مرضه يسأل:"أين أنا اليوم ؟ أين أنا غدا" استبطاء ليوم عائشة رضي الله عنها  (مسلم)
ثم استأذن عليه الصلاة والسلام زوجاته في أن يكون في بيت عائشة رضي الله عنها تمرضه فأذن له ،وانتقل عليه الصلاة والسلام إلى حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها ، تمرضه وتعتنى به

وكان النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا اشتكى يقرأُ على نفسِه بالمعوِّذاتِ . وينفثُ . فلما اشتدَّ وجعُه كانتُ رضي الله عنها تقرأُ عليهِ . وتمسحُ عنهُ بيدِه . رجاءَ بركَتِها .

(مسلم)
واشتد المرض على حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وتوفى بين يدي حبيبته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وهاهي تقول :

" إن من نعم الله علي : أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم توفي في بيتي، وفي يومِي، وبين سحري (صدري )ونحري(أسفل الرقبة)[أي توفى مستندا إلى صدرها ] وأن الله جمع بين ريقي وريقه عِندَ موته، دخل علي عبد الرحمن، وبيده السواك، وأنا مسندة رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فرأيته ينظر إليه، وعرفت أنه يحب السواك، فقُلْت : آخذه لك ؟ فأشار برأسه : ( أن نعم ) . فتناولته، فاشتد عليه، وقُلْت : الينه لك ؟ فأشار برأسه : ( أن نعم ) . فلينته، فأمره، وبين يديه ركوة أو علبة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه، يقول : ( لا إله الإ الله، إن للموت سكرات ) . ثم نصب يده، فجعل يقول : ( اللهم في الرفيق الأعلى ) . حتى قبض ومالت يده"

(البخاري)
وقالتْ السيدة عائشة رضي الله عنها :"فلمَّا خَرجتْ نَفْسُهُ لمْ أجِدْ ريحًا قطُّ أَطْيَبَ منِها" ابن كثير
ودفن عليه الصلاة والسلام في حجرتها في المكان الذي توفي فيه ، وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم ،ملأت رضي الله عنها الأرض علما لأنها أكثر من روى عنه من النساء ، وبعد رحلة طويلة من العلم والعبادة توفت رضي الله عنها في سنة سبع وخمسين من الهجرة وقيل ثمان وخمسين ، في ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان ، بعد أن عمرت ما يزيد عن الثلاث والستين سنة ، وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه ودفنت في البقيع ولم تدفن في حجرتها فقد آثرت به عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قتل رضي الله عنها وأرضها
ويروي سعيد بن المسيب رضي الله عنه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت:

" رأيت كأن ثلاثة أقمار سقطت في حجرتي، فسألت أبا بكر رضي الله عنه ، فقال: «يَا عَائِشَةُ، إِنْ تَصْدُقْ رُؤْيَاكِ يُدْفَنُ فِي بَيْتِكِ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ ثَلاثَةٌ»، فلما قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم ودفن، قال لي أبو بكر: « يَا عَائِشَةُ، هَذَا خَيْرُ أَقْمَارِكِ، وَهُوَ أَحَدُهَا»

(المستدرك للحاكم)

ثم دُفن بعد ذلك في حجرتها أبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، فكان ذلك تمام الثلاثة أقمار.
فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كثيرة جداً ، وهي تعتبر من أكثر الصحابيات فضلاً ، فيكفيها فضلاً أنه نزل في براءتها قرآن يتلى إلى يوم القيامة ، ويكفيها فضلاً أنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ،وأنها أحب نسائه إلى قلبه ،فقد قال صلى الله عليه وسلم :  "عائشة زوجي في الجنة" الألباني

وأنه مات في دارها ودفن فيها ، وأنه مات بين سحرها ونحرها .

اقرأ أيضا :أمهات المؤمنين ...ثالثا السيدة عائشة رضى الله عنها (الجزء الثالث )

و من فضائلها ،ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم عليها فقد قالَ عليه الصلاة والسلام -: ((كَمَلَ منَ الرِّجال كثيرٌ، ولم يَكْمُلْ منَ النِّساءِ إلاَّ مريمُ بنتُ عِمرانَ، وآسِيةُ امرأةُ فِرعونَ، وفضْلُ عائشةَ على النِّساءِ كفَضْل الثَّرِيدِ على سائرِ الطعام))؛ صحيح البخاري

وعَنْها رضِي الله عنها قَالَتْ: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يَوْمًا: ((يا عائِشَ، هَذا جبْريلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَم))، فَقُلْتُ: وَعليه السلام ورحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُه، تَرَى ما لا أَرى - تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ، صلَّى الله عليه وسلَّم؛

رواه الشيخان - البخاريُّ ومسلم.

ومن فضائلها ، قول الرسول صلى الله عليه وسلم لام سلمة رضي الله عنها :

" يا ام سلمة ، لا تؤذيني في عائشة، فانه والله ما نزل علي الوحي وانا في لحاف امرأة منكن غيرها "    البخاري
ومن بركتها رضى الله عنها أنها قالت :" لقد توُفِّيَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، وما في بَيتي مِن شيءٍ ، يأكلُهُ ذو كَبدٍ ، إلَّا شَطرُ شَعيرٍ ، في رفٍّ لي ، فأَكَلتُ منهُ ، حتَّى طالَ علَيَّ ، فَكِلْتُهُ ففَنيَ"          الألباني
ومن بركتها رضي الله عنها أنها كانت السبب في نزول بعض آيات القرآن ، ومنها آية التيمم ، وذلك عندما استعارت من أسماء رضي الله عنها قلادة ، فضاعت منها ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ،بعض أصحابه ليبحثوا عنها ، فأدركتهم الصلاة ولم يكن عندهم ماءٌ فصلّوا بغير وضوء ، فلما أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ، فنزلت آية التيمم ، فقال أسيد بن حضير لعائشة : " جزاكِ الله خيراً ، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لكِ منه مخرجاً ، وجعل للمسلمين فيه بركة "

متفق عليه

وعلى الرغم من صغر سنّها ، إلا أنها كانت ذكيّةً سريعة التعلّم ، ولذلك استوعبت الكثير من علوم النبي - صلى الله عليه وسلم – حتى أصبحت من أكثر النساء روايةً للحديث ، ولا يوجد في نساء أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - امرأة أعلم منها بدين الإسلام .
ومما يشهد لها بالعلم قول أبي موسى رضي الله عنه : " ما أشكل علينا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - حديثٌ قط فسألنا عائشة ، إلا وجدنا عندها منه علماً " رواه الترمذي .
تعتبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من أفقه نساء هذه الأمة ، فكيف لا تكون فقيهة وهي التي تربت في بيت النبوة وأخذت العلم مباشرة من معلم هذه الأمة عليه الصلاة والسلام .

فقد روت عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم علماً كثيراً ، وبلغ مسندها رضي الله عنها (ألفين ومئتين وعشرة أحاديث )، وكانت أفصح أهل زمانها وأحفظهم للحديث ، روى عنها الرواة من الرجال والنساء
وقد ثبت رجوع أكابر الصحابة مثل عمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وغيرهم رضى الله عنهم في الكثير من المسائل التي كانت تشكل عليهم الى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فكانت تفصل بينهم بالحكم الشرعي كما قال ابو موسى الأشعري
وقيل لمسروق : هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال : إي والذي نفسي بيده، لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - يسألونها عن الفرائض "

رواه الحاكم .

وقال الزُّهري : لو ُجمع علم نساء هذه الأمة ، فيهن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كان علم عائشة أكثر من علمهنّ "   رواه الطبراني .

ولقد كانت رضى الله عنها صاحبة معرفة بأنساب العرب ،وكان لها معرفه بالشعر ، فقد قال عروة : ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام، والعلم، والشعر، والطب من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها."    البخاري

وقال بن عبد البر: إن عائشة كانت وحيدة عصرها من ثلاثة علوم : علم الفقه ، وعلم الشعر ، وعلم الطب .

وقد كانتْ أُمُّ المؤمنين كثيرةَ الصيام، حتى ضعُفت، كما جاء في السِّيَر للذهبي - رحمه الله تعالى - عن عبدِالرحمن بن القاسِم، عن أبيه: أنَّ عائشةَ كانتْ تصوم الدَّهْر.

كما كانتْ زاهدةً في الدنيا، فعَنْها قالت:"ما شَبِع آلُ محمَّد يومَيْن من خُبزِ بُرٍّ إلا وأحدهما تَمْر"؛   متفق عليه.
وعن عطاء: أنَّ معاويةَ بعَث إلى عائشةَ بقِلادةٍ بمائةِ ألْف، فقسمتْها بيْن أمَّهات المؤمنين، وعن عُروةَ، عن عائشة: أنَّها تصدَّقتْ بسَبْعِين ألفًا; وإنَّها لتُرقِّع جانبَ دِرْعها - رضي الله عنها.
وعن أُمِّ ذَرَّة، قالت: بعَث ابنُ الزبير إلى عائشةَ بمالٍ في غِرَارتَيْن، يكون مائة ألْف، فدَعَتْ بطَبق، فجعَلتْ تقسم في الناس، فلمَّا أمسَت، قالت: هاتِي يا جاريةُ فُطوري، فقالت أمُّ ذَرَّة: يا أمَّ المؤمنين، أمَا استطعتِ أن تشتري لنا لحمًا بدِرْهم؟! قالت: لا تُعنِّفيني، لو أذْكْرِتني لفعلت
 وحان وقت الرحيل بعد عمر طويل من العبادة والعطاء ، وجاء عبد الله بن عباس رضي الله عنه يستأذن على أم المؤمنين عائشة عند وفاتها فجاء ابن أخيها عند رأسها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، فأكب عليها فقال : هذا عبد الله بن عباس يستأذن ، وهي تموت ، فقالت : دعني من ابن عباس . فقال : يا أماه !! إن ابن عباس من صالح بنيك يسلم عليك ويودعك . فقالت : ائذن له إن شئت . قال : فأدخلته ، فلما جلس قال ابن عباس : أبشري . 
فقالت أم المؤمنين : بماذا ؟ فقال : ما بينك وبين أن تلقي محمداً والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد ، وكنت أحب نساء رسول الله إليه ، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إلا طيباً ، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله وأصبح الناس وليس معهم ماء ، فأنزل الله آية التيمم ، فكان ذلك في سببك ، وما أنزل الله من الرخصة لهذه الأمة ، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات ، جاء بها الروح الأمين ، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله إلا يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار . فقالت : دعني منك يا ابن عباس ، والذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسياً منسياً .

رضى الله عنها وارضاها وجمعنا بالحبيب صلي الله عليه وسلم وامهات المؤمنين في الفردوس الأعلى

شارك برأيك

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

TvQuran
,