فلما وصل المسلمون إلى تبوك ، وجدوا عينها قليلة الماء وإذا رجلان من المنافقين أخذوا ماءها وكان النبي نهاهم عن ذلك .
فلما رأى النبي أن رَجُلين سبقاه إلى عين تبوك وأخذا من مائها لَعنهُما ، ثم غَسل رسول الله وجهه ويديه من ماء تبوك .
ثم قال النبي لمعاذ بن جبل رضي الله عنه : ” يُوشك يامعاذ إنْ طالت بك حياة ، أنْ تَرى ما ها هنا قد مُلئ جناناً “.
ثم ضُرِبت للنبي قُبَّة – أي خيمة – وأقام النبي في تبوك ٢٠ يوما ، ولم يَلق كيداً ، ولم يُواجه عدواً .
ثم أخذ النبي يُرسل السرايا إلى القبائل على أطراف الشام ، وأرسل رسالة إلى قيصر عظيم الروم .
صالح النبي أهل أَيْلَة ، ويهود جَرْبَاءَ وأَذْرُح ، وبعث خالد بن الوليد ومعه ٤٢٠ مقاتل إلى أُكَيْدر دُومة الجَنْدَل.
فصالح أُكَيْدَر دُومة الجَنْدل النبي على الجزية ، وأهدى أُكيدر النبي بغلة ، وجُبَّة من سُندس مَنسُوج فيها الذهب .
فعجب الصحابة من جمال الجُبَّة ، فقال النبي : ” أتعجبون من لين هذه ؟؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين “.
ثم بعث النبي دحية الكلبي برسالة إلى قيصر عظيم الروم يدعوه فيها إلى ٣ خصال : ” إما الإسلام أو الجزية أو القتال “.
فجمع قيصر بطارقته وقرأ عليهم رسالة النبي ، فقالوا : والله ماندخل في دينه ولا ندفع له الجزية ، ولا نقاتله.
ثم أرسل قيصر رسالة إلى النبي بهذا الأمر ، فاكتفى النبي بذلك وسمعت العرب أن الروم خافت من قتال النبي .
رجع النبي إلى المدينة ، بعد أن أقام في تبوك ٢٠ يوما ، ولم يلق كيداً من أي عدو .
فلما وصل النبي إلى وادي القرى قال لأصحابه : ” إنِّي مُتعجِّلٌ إلى المدينة فمن أراد منكم أن يَتعجَّل معي فليتعجل “.
فلما وصل النبي بذي أوان نزل عليه الوحي ، وأخبره ببناء المنافقين مسجد الضرار ، فأمر النبي بحرقه بالنار وهدمه.
ثم قال النبي لأصحابه : ” إن بالمدينة أقواماً ماسرتم مسيراً ، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم ، حبسهم العُذر “.
فلما أشرف النبي على المدينة ، قال ” هذه طيبة أو طابة “.فلما رأى جبل أُحُد ، قال ” هذا جبل نُحِبُّه ويُحبُّنا “.
وتسامع الناس بمقدم النبي ، فخرجوا إلى ثَنيَّة الوداع يَتلقَّونه ، بحفاوةٍ وفرحٍ وسُرورٍ بالغ .
اقرأ أيضا :أمهات المؤمنين ....... السيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها (الجزء الثانى )
قال السائب بن يزيد : أذكر أنَّي خرجت مع الصبيان نَتلقَّى النبي إلى ثَنيَّة الوداع مقدمه من غزوة تبوك .رواه البخاري.
انقسم الناس في غزوة تبوك إلى ٤ أقسام:
1- مأمورين مأجورين كعلي بن أبي طالب ، ومحمد بن مسلمة ، وابن أم مكتوم .
2- معذورين: وهم الضُّعفاء والمرضى .
3- عُصاة مُذنبين: كالثلاثة الذين خلِّفوا .
4- ملومين مذمومين: وهم المنافقون .
فأمر النبي بمقاطعة كل مَن تَخلَّف عن غزوة تبوك ممن لا عُذر له ، فأعرض عنهم النبي والمؤمنون .
جاء الأعراب إلى النبي يعتذرون بأعذار واهية عن تخلفهم عن غزوة تبوك ، فعذرهم النبي ، وَوَكِلَ سرائرهم إلى الله .
وأرجأ النبي أمر 3 من الصحابة الصادقين ، وهم :كعب بن مالك – هلال بن أمية – مرارة بن الربيع .رضي الله عنهم أجمعين .
هؤلاء الصحابة الثلاثة رضي الله عنهم اعترفوا للنبي أن ليس لهم عذر بتخلفهم عن غزوة تبوك .
قال الله عن الثلاثة الذين تخلفوا عن تبوك : ” وآخرون مُرجون لأمر الله إما يُعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم “.
ثم إن الله تاب على هؤلاء الثلاثة لصدقهم ، رضي الله عنهم ، فأنزل في توبته عليهم الآية رقم 117 – 118 من سورة التوبة .
لما استقر النبي في المدينة بعد عودته من آخر غزوة غزاها – وهي تبوك – سارعت القبائل إليه في المدينة لِتُعلن إسلامها.
في أواخر العام التاسع الهجري تُوفيت أم كلثوم بنت النبي .وتُوفي رأس المنافقين عبدالله بن أبي بن سلول قَبّحه الله .
في أواخر شهر ذي القعدة سنة 9 هـ ، بعث النبي أبا بكر الصديق أميرا على الحج ، لِيُقيم للمسلمين حجهم .
وأمر النبي أبا بكر بأمور يُعلنها بالحج :لا يَحجنَّ بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عُريان ولا يدخل الجنة إلا مؤمن.
في ربيع الأول سنة 10 هـ تُوفي إبراهيم بن النبي وعُمُره سنة وأربعة أشهر ، ودخل عليه النبي ، وعيناه تدمعان .
قال النبي : ” إن إبراهيم ابني ، وإنه مات في الثدي – أي في فترة الرضاع – وإن له لَظِئْرَين تُكملان رضاعه في الجنة “.
ودُفِنَ إبراهيم في مقبرة البقيع ، وانكسفت الشمس يوم مات إبراهيم بن النبي ، فقال الناس : إنما انكسفت لموت إبراهيم .
فقال النبي : ” إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتموها فادعوا وصلّوا “
