السيرة النبوية الشريفة : سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (الحلقة السابعة والعشرون )

السيرة النبوية الشريفة : سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (الحلقة السابعة والعشرون )

في رجب من السنة التاسعة للهجرة وقعت آخر غزوة من غزوات النبي ، وهي غزوة تبوك، وتبوك تبعد عن المدينة ٧٠٠ كيلو تقريبا .

وكانت هذه الغزوة مع أعظم دولة في العالم في ذلك الوقت ، وهي الروم ، وأمر النبي أصحابه بالتَّهيُّئ لغزو الروم .

وجاء وقت غزوة تبوك في ظروف قاسية – الحر شديد ، والمسافة بعيدة جدا – ولذلك تُسمى أيضا غزوة العُسْرَة .

ولم يكن الخروج لغزوة تبوك على التَّخيير ، وإنما كان على الوجوب ، يجب على كل مسلم الخروج ، إلا لمن له عذر كمرض ونحوه .

ثم حَثَّ النبي الصحابة على الإنفاق لتجهيز جيش العُسْرة ، فتسابق الصحابة رضي الله عنهم إلى التنافس في الإنفاق.

فجاء أبوبكر الصديق بكُلِّ ماله ، فأنفقه على جيش العُسْرة ، وجاء عمر رضي الله عنه بنصف ماله ، وأنفقه على جيش العُسْرة.

وأنفق عثمان بن عفان رضي الله عنه نفقة عظيمة على جيش العُسْرة ، ماسُمِعَ بمثلها .
اقرأ أيضا :أمهات المؤمنين ,,,, السيدة صفية بنت حيي رضي الله عنها (الجزء الثانى )
فلما رأى النبي هذه النفقة العظيمة من عثمان سُرّ سروراً عظيماً ، وقال : ” ما ضَرَّ عثمان ما عَمِلَ بعد اليوم “.

وجاء عبدالرحمن بن عوف بثمانية آلاف درهم ، وتتابع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين في الإنفاق لتجهيز جيش العُسْرة .

فلما رأى المنافقون هذا الإنفاق من الصحابة رضي الله عنهم أخذوا يستهزئون بهم ، فإذا أنفق الغني ، قالوا عنه : مُرائي .

وإذا أنفق صاحب المال القليل ، ولو بصاع قال المنافقون : إن الله غني عن صاع هذا ، فهكذا كان موقف المنافقين المتخاذل .

فأنزل الله في المنافقين : ” الذين يَلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم ..”.

تَخلَّف عدد من الصحابة الصادقين عن غزوة تبوك بغير عذر ، وكانوا نَفَرَ صدق ، لا يُتَّهمون في إسلامهم .

مِن الذين تَخلَّفوا بغير عذر :
١- كعب بن مالك
٢- هلال بن أمية
٣- مُرارة بن الربيع
٤- أبو لُبابة بن عبدالمنذر ،
وغيرهم.

خرج النبي بجيشه العظيم ٣٠ ألف مقاتل ، وهو أعظم جيش يتجمع للمسلمين مُنذ بعثته .

وخَلَّف النبي علي بن أبي طالب رضي الله عنه على أهله وأمره بالإقامة فيهم ، فقال علي : أتُخلِّفني في الصبيان والنساء.

فقال له النبي : ” أمَا تَرضى أن تَكون مِني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي “.
مضى النبي بجيشه الكبير ، وعسكر في ثنية الوداع وهناك عقد الألوية والرايات ، وكان في جيشه عدد كبير من المنافقين .

مَرَّ النبي وهو في طريقه إلى تبوك بالحِجْر ديار ثمود – وهم قوم صالح عليه السلام – فاستعجل النبي راحلته .


ونزل النبي قريبا من ديار ثمود ، ولم يَدخلها ، فاستقى الناس من بئر كان بالحِجْر ، واعْتَجنوا به عجينهم .

فلما عَلِمَ النبي بهم ، قال : ” لا تدخلوا على هؤلاء القوم الذين عُذِّبُوا ، فإني أخاف أن يُصيبكم مثل ما أصابهم “.

ثم أمرهم أن لا يَشربوا من بئرها ولا يَستقوا ، فقالوا : عَجنَّا منها واستقينا ، فأمرهم أن يُلقوا ذلك العجين والماء.

ثم إن النبي خطب في أصحابه خطبة عظيمة حذرهم فيها من الدخول على أماكن عُذِّب فيها الكفار ، خَشية أن يُصيبهم ما أصابهم.

أكمل النبي طريقه إلى تبوك ، وكان يَجمع بين الصلوات ، فكان يَجمع الظهر والعصر جميعاً ، والمغرب والعشاء جميعاً .

أكمل النبي طريقه إلى تبوك ، وقد أصاب الناس العطش ، واشتدت حاجتهم إلى الماء ، فشكا الناس ذلك للنبي ، فدعا النبي ربه أن يُنزل عليهم المطر ، فتجمع السحاب ، ونزل عليهم المطر ، فشربوا ، وملؤوا ما معهم .

في الطريق إلى تبوك نزل الجيش في الليل ، وقُبيل صلاة الفجر ذهب النبي لقضاء حاجته ومعه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه .

و تأخر النبي على الصحابة رضي الله عنهم في صلاة الفجر ، فقدَّم الصحابة عبدالرحمن بن عوف ليُصلي بهم إماما في صلاةالفجر.

فلما بلغ عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه الركعة الثانية جاء النبي ، فأدرك ركعة ، وأتم ركعة ، فلما سَلَّم عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه وإذا بالنبي يُتم الركعة التي فاتته فوقع ذلك في قلوب الصحابة رضي الله عنهم.

فلما سلَّم النبي قال لهم : ” أحسنتم ” أو ” أصبتم “. فأقرَّهم النبي على عدم انتظاره في سبيل إقامة الصلاة على وقتها .

وأما حديث : ” ما قُبض نَبي حتى يُصلي خلف رجل صالح من أمته “. فقد رواه الإمام أحمد ، وابن سعد في طبقاته وهو حديث ضعيف.

أكمل طريقه إلى تبوك ، وقال لأصحابه : ” إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك ، فمن جاءها فلا يمس من مائها حتى آتي “.

شارك برأيك

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

TvQuran
,