كان رسول الله على ناقته القَصْواء لما دخل مكة ، وكان في شدة التواضع لربه سبحانه الذي أكرمه بهذا الفتح العظيم.
وكان رسول الله يَقرأ سورة الفتح وهو على ناقته ، يرفع بها صوته ، وأهل مكة من بيوتهم ينظرون إلى هذا المشهد العظيم.
ثم ضُربت للنبي في منطقة الخَيْف خيمة كما أمر ونزل بها ، فجاءته أم هانئ تستأذن عليه فقال : ” مرحباً يا أم هانئ “.
فقالت أم هانئ للنبي : يارسول الله أجرت فلانا وفلانا ، قريبين لها فقال رسول الله : ” قد أجرنا مَن أجرتِ يا أم هانئ “.
ثم قام رسول الله حتى أتى المسجد الحرام ، والمهاجرون والأنصار بين يديه ، وخلفه ، وحوله ، يُهلِّلون ، ويُكبِّرون .
فأقبل رسول الله إلى الحجر الأسود فاستلمه بِمِحجن كان في يده ، ثم طاف بالبيت سبعاً على راحلته ، وحول البيت ٣٦٠ صنما.
فجعل رسول الله كلما دَنا من صنم يَطْعنه بِمِحجنه ، ويقول : ” وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا "، ” قُل جاء الحق وما يُبدئ الباطلُ وما يُعيد “. فما يُشير رسول الله بِمِحجنه على صنم في وجهه إلا وقع لِقفاه .
فإذا وقع الصنم قام الصحابة رضي الله عنهم بتكسيره ، حتى كُسِّرت كل الأصنام التي كانت حول الكعبة .
اقرأ أيضا :السيرة النبوية الشريفة : سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (الحلقة الثالثة والعشرون )
ثم نادى رسول الله حاجب الكعبة عثمان بن طلحة رضي الله عنه – وهو الذي عنده مفتاح الكعبة – . فأمره رسول الله أن يفتح له الكعبة ، فلما فتحها ، أمر رسول الله عمر بن الخطاب أن يزيل الصور التي فيها ، فأزالها.
ثم دخل النبي الكعبة وأدخل معه بلال بن رباح وأسامة بن زيد رضي الله عنهما ، وأغلق عليهم الباب فمكث فيه طويلاً .
جعل رسول الله عموداً عن يساره ، وعمودين عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ على ٦ أعمدة وصلى فيه ركعتين .
ثم خرج رسول الله من الكعبة ، وقد تَجمَّع أهل مكة له ، فخطب فيهم خطبة عظيمة ، حَمِدَ فيها ربه ، وأثنى عليه .
ثم قال : ” يامعشر قريش ماترون أني فاعل بكم “؟؟
قالوا : خيراً ، أخ كريم ، وابن أخ كريم .
فقال : ” أقول لكم كما قال يوسف لإخوته : ” لا تثريب عليكم اليوم.. ” ، اذهبوا فأنتم الطُلقاء “.
ثم جلس رسول الله في المسجد وفي يده مفتاح الكعبة ، فقال له علي بن أبي طالب : يارسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية.
فقال : ” أين عثمان بن طلحة “؟؟فدُعي له ، فقال : ” خُذوها يابَني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم “.
فلما استقر الأمر برسول الله جاءه أهل مكة يُبايعونه ، فجاء أبوبكر الصديق بوالده أبي قُحافة ، فأسلم بين يديه .
ثم بايع رسول الله نساء قريش وأفتى رسول الله بعدة فتاوى منها: تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.
كان لفتح مكة أثرٌ عظيم في نفوس العرب ، وذلك أنهم كانوا ينتظرون نتيجة الصراع بين المسلمين وقريش .
فلما انتصر رسول الله على قريش ، وفُتحت مكة دخل الناس في دين الله أفواجا .

